الخميس، 4 ديسمبر 2014

الرقابة على دستورية القوانين الدول العربية



المجلس الدستوري اللبناني

الملتقى الإقليمي حول"تجارب الرقابة على دستورية القوانين في الدول العربية، تقييم ورؤية مستقبلية"

افتتح المجلس الدستوري بالتعاون مع مؤسسة "كونراد اديناور" المؤتمر الإقليمي عن "تجارب الرقابة على دستورية القوانين في الدول العربية، تقييم ورؤية مستقبلية"، بمناسبة مرور عشرين سنة على بدء العمل الدستوري في لبنان، في فندق هيلتون حبتور في حضور ..شخصيات رسمية وسياسية وحزبية وقضائية ودبلوماسية إضافة إلى وفود حقوقية عربية...
...ألقى بيتر ريميله كلمة مؤسسة كونراد اديناور، شدد فيها على أهمية هذا المؤتمر في تبادل الخبرات وتشاطر الرأي، مشيرا إلى أن المؤسسة هي سياسية وتعمل بطريقة وطيدة مع المؤسسة المسيحية في ألمانيا وتهدف الى المساهمة في تعزيز سيادة القانون واستقلال النظام القضائي.

ولفت ريميله إلى أن الجلسة تعمل على ثلاثة برامج، الأول فتح مجال للحوار السياسي، الثاني مساعدة لبنان وأزمة اللاجئين السوريين، أما الثالث فهو برنامج إقليمي لسيادة القانون في المنطقة العربية، متطرقا إلى شراكة المؤسسة مع المجلس الدستوري اللبناني بهدف التشاور والتعاون.و اعتبر أن التمديد للمجلس النيابي يخرق القوانين والدساتير اللبنانية، وأن شرعية البرلمان اللبناني تم حذفها مجددا وأن المجلس الدستوري هو الذي يقرر إذا كان هذا التمديد دستوريا أم لا من دون أي تدخل سياسي.
ثم كانت كلمة لرئيس اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية محمد أشركي ألقاها نيابة عنه عضو المجلس الدستوري في المغرب رشيد المدور، معتبرا أن تقييم تجارب الرقابة على إستقرارية القوانين في الدول العربية سيتيح لنا التطلع إلى المستقبل، مستحضرين التراكمات التي تحققت في مجال القضاء الدستوري في عالمنا العربي وهي تراكمات تشكل رصيدا ثمينا سواء على منتدى التشريعات الدستورية أو الاجتهادات القضائية إضافة إلى الافتتاح والتجارب الدولية في هذا المضمار".
وشدد أشركي على أن "بناء الدولة الديمقراطية الحديثة القائمة على سيادة القانون وصيانة حقوق وحريات المواطنات والمواطنين لا يستقيم من دون وجود قضاء دستوري مستقل محايد وذي كفاءة عالية مشكلا بذلك المرجع الذي يطمئن له الجميع للسهر على سمو الدستور وحسن تفسير وتطبيق أحكامه".
وأكد "أن الدول العربية رغم المحن التي يجتازها بعضها حاليا ستتلمس طريقها تدريجيا نحو إقامة وتعزيز دولة المؤسسات التي يعد القضاء الدستوري ركنا من أركانها الأساسية، متطرقا إلى دستور المملكة المغربية الصادر سنة 2011 الذي أحدث نقلة نوعية في ميدان العدالة الدستورية بإنشائه للمحكمة الدستورية التي ستحل قريبا محل المجلس الدستوري ولكن بصلاحيات أوسع وبدور اقوي في مجال صيانة الحقوق والحريات العامة المضمونة دستوريا للجميع".
ثم كانت كلمة لرئيس لجنة البندقية جياني بوكيشيو الذي أشار إلى أن اللجنة تضم حوالى ستين دولة أوروبية وهي في خدمة الدول التي ترغب في التطور على مستوى الديمقراطية، مؤكدا أن هناك ضرورة ملحة لإصلاح مؤسسات الدول في ما يتعلق بمستوى القوانين الدولية"، آملا أن يتم التشارك مع لبنان ومع البلدان المشاركة في هذا المؤتمر من أجل تعزيز المواضيع الدستورية من خلال تقديم الدعم للمحاكم والمجالس الدستورية في هذه الدول باعتبار أن المحكمة الدستورية هي العمود الأساسي للدولة وللمجالس الدستورية".

كلمة السفير الألماني في لبنان ألقاها القائم بأعمال السفارة مارستن ميسور ويفنوسن الذي أشار إلى "أن التغييرات في البلدان العربية تظهر أن هناك احتمالا في التغبير على المستوى السياسي، ولكن الدول العربية ليست مستعدة بعد"، مشددا على "ضرورة تضافر الجهود على المستويات كافة من أجل التوصل إلى دول ديمقراطية".
وتطرق إلى أهمية الدستور الألماني، موضحا أن الدبلوماسيين الألمان هم محامون بحد ذاتهم ولديهم خبرة كبيرة في القانون والدستور وأنه يمكن للدستور الألماني أن يكون أساسا للديمقراطية.

بعدها تحدث رئيس المجلس الدستوري الدكتور عصام سليمان الذي قال: "قد يتساءل البعض عن مغزى الدعوة إلى هذا المؤتمر في ظروف عصيبة تمر بها المنطقة وتجعل الامن في راس الأولويات".
أضاف: "جاءت الدعوة لمؤتمرنا هذا تأكيدا لاقتناع راسخ بضرورة التقدم في مسيرتنا نحو بناء مستقبل زاهر، انطلاقا من تقييم تجاربنا، والسعي لتطويرها من أجل بناء دولة ديمقراطية، تحقق العدالة، وتوفر العيش الكريم لمواطنيها، فالتصدي للإرهاب لا يكون فقط بإجراءات عسكرية وأمنية، إنما بإصلاحات عميقة في أنظمتنا الدستورية، وباعتماد سياسات تقود إلى إزالة الأوضاع التي شكلت تريه خصبة لنشوء الإرهاب ونموه وانتشاره وتعاظم خطره. فالأمن لم يعد أمنا بالمفهوم التقليدي، إنما أصبح أمنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وإنسانيا، أمن أساسه حقوق وحريات يضمنها الدستور ويلتزم بها المشترع، وتجد تعبيرا عنها في سياسات توفر شروط التمتع بها، وقضاء يصونها في أحكامه فيحقق العدالة".

وتابع: "في هذه المظلومة، التي تقوم عليها الدولة، التي تتطلع إليها شعوب هذه المنطقة، الدولة الراعية لمواطنيها ولحقوق الإنسان، يشغل القضاء الدستوري المتمثل بالمحاكم والمجالس الدستورية موقعا مميزا، كركن أساسي من أركان النظام السياسي، فهو صمام أمان في عملية التشريع، والضامن لالتزام المشترع باحترام الدستور وما نص عليه من مبادئ وقواعد وآليات، وهو الحامي لمبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها، ومن خلال ذلك يبرز دوره في انتظام أداء المؤسسات الدستورية، وفي تنقية القوانين من الشوائب التي علقت بها، ما يساعد على تحقيق العدالة في أحكام القضاء".

وأعلن أن"دور القضاء الدستوري هذا يحده الانتظام الذي يحكم العلاقة بين المؤسسات الدستورية، كما تحده الصلاحيات المناطة بكل منها، لذلك لا يجوز أن نحمله أكثر مما يحتمل، فصلاحيته في الرقابة على دستورية القوانين تقف عند حدود التزام المشترع بالتقيد بالمبادئ والقواعد التي نص عليها الدستور، ولاتصل إلى خيارات المشترع التي يحددها وفق اقتناعاته كممثل للأمة ويبقى باب الاجتهاد واسعا في رسم الحد الفاصل بين صلاحيات القضاء الدستوري وصلاحيات السلطة الإشتراعية".
وتابع: "من ناحية ثانية، يتوقف دور القضاء الدستوري على الصلاحيات الممنوحة له بموجب الدستور، وخصوصا لجهة الإمكانيات المتوافرة له للنظر في دستورية القوانين، فحصر حق المراجعة بالأطراف السياسية، وإغلاق الباب أمام الآخرين، وحرمان القضاء الدستوري من صلاحية النظر في دستورية القوانين الأساسية عفوا دون أي مراجعة، يقلص دوره، ويفسح المجال أمام تشريعات لا تتفق والدستور، تأخذ طريقها إلى التنفيذ فيختل معها الانسجام في المنظومة القانونية في الدولة".
وأشار إلى "أن تجارب القضاء الدستوري في الدول العربية حديثة العهد، وقد جاءت نتيجة مخاض عسير، فالسلطة السياسية لا تستسيغ عامة قيام سلطة تقيد حريتها في التشريع، وتلزمها بضوابط محددة، فللذهنية السياسية أثر بارز في علاقة السلطة السياسية بالقضاء الدستوري، غير أن القضاء الدستوري خطا، في الآونة الأخيرة خطوات لا بأس بها على طريق توسيع صلاحياته وذلك في كل من المغرب وتونس".
وقال: "أما في لبنان، فقد أنشىء المجلس الدستوري بموجب وثيقة الوفاق الوطني وتعديل الدستور في العام 1990 وأنيطت به الرقابة على دستورية القوانين والبث في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسية والنيابية، ونزعت منه صلاحية تفسير الدستور التي كانت قد أعطيت له بموجب وثيقة الوفاق الوطني، وحصر حق مراجعة المجلس الدستوري بشأن دستورية القوانين، بكل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وبعشرة نواب وبرؤساء الطوائف المعترف بها قانونا في ما يتعلق حصرا بالأحوال الشخصية وحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية والتعليم الديني".

وأعلن "أن إنشاء المجلس الدستوري جاء نتيجة اقتناع بضرورة إدخال إصلاحات على النظام السياسي، تساعد على ضبط أدائه، وتقود إلى بناء دولة القانون والمؤسسات التي طالما حلم بها اللبنانيون"، مشيرا إلى أن المجلس الدستوري باشر عمله في نهاية شهر تموز من العام 1994 وصدرت عنه قرارات في الطعون النيابية وفي دستورية القوانين ...، ومن بينها ستة قرارات صدرت هذا العام، وقد أبطلت هذه القرارات نيابات ونصوصا قانونية، وأسهمت في شرح الدستور، وسلطت الضوء على المبادئ والأهداف ذات القيمة الدستورية كما سلطت الضوء على الثغرات في قانون الانتخاب، وهي أمور ينبغي أن يستفيد منها المشترع".

وأكد "أن الظروف التي مارس فيها المجلس الدستوري مهامه، في العشر سنوات المنصرمة كانت ولا تزال ظروفا صعبة، وذلك بسبب الانقسامات السياسية الحادة، والتفلت من الضوابط في ممارسة العمل السياسي، والتمادي في تفسير الدستور، وفق الأهواء والنزوات والمصالح الفئوية الضيقة، ما تسبب باضطراب في أداء المؤسسات الدستورية وأحيانا في شللها وأثر سلبا على عمل المجلس الدستوري، فالمجلس الدستوري لا يبت في دستورية القوانين، إلا إذا كان هناك قوانين يضعها مجلس النواب ويجري الطعن في دستوريتها، وهو لا يصدر قرارات بشأن الطعون النيابية إلا إذا كان هناك انتخابات نيابية، ورغم الظروف الصعبة، تابع المجلس الدستوري مسيرته، بفعل اقتناع راسخ بضرورة تعزيز موقعه، وتفعيل دوره وتوسيع صلاحياته وإبعاده عن الصراعات السياسية ومنع السياسيين من التدخل في شؤونه حفاظا على استقلالية يتشبث بها".

وقال: "لقد عمدنا إلى إصدار الكتاب السنوي منذ العام 2009 - 2010  بانتظام، وصدر منه حتى الآن أربعة مجلدات، تتضمن دراسات في القضاء الدستوري إضافة إلى قرارات ونشاطات المجلس الدستوري، وسيصدر مجلد العام 2014 قريبا والكتاب السنوي يوزع في لبنان، وعلى المحاكم والمجالس الدستورية العربية والفرنكوفونية، ووقعنا اتفاقا مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي  UNDP، من ضمنه إصدار كتاب يعرف بالمجلس الدستوري وبالاجتهادات التي صدرت عنه، وكتاب أخر يضم كل قرارات المجلس الدستوري، والكتابان سيصدران في الشهر المقبل، وجرى تعزيز موقع المجلس الدستوري في اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية فعقدت دورة الاتحاد في العام 2011، في بيروت وكان لنا دور بارز في تعديل النظام الأساسي للاتحاد في اجتماعات الرباط والبحرين، كما استعاد المجلس الدستوري دوره في اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية الفرنكوفونية، وشارك مع لجنة البندقية التابعة لمجلس أوروبا في تأسيس المؤتمر العالمي للعدالة الدستورية في العام 2011".

وتابع: "وعلى صعيد أخر، تم نقل ملكية مقر المجلس الدستوري من مصرف لبنان إلى الجمهورية اللبنانية، بسعي من هيئة المجلس ودعم من فخامة الرئيس ميشال سليمان، فأصبح المجلس الدستوري مقرا دائما يليق به".

وختم: "إننا نتطلع إلى توسيع صلاحيات المجلس الدستوري لكي يستطيع أن يقوم بالدور المفترض أن يقوم به على أكمل وجه، وذلك بالتوسيع في حق المراجعة، وإفساح المجال أمام المواطنين لمراجعة المجلس الدستوري عبر المحاكم، على غرار ما جرى في فرنسا وما اعتمد في بعض الدول العربية ومنها مصر والمغرب وتونس، وإعطاء المجلس الدستوري صلاحية النظر، عفوا ودون طعن، في دستورية القوانين الأساسية التي تشكل على أساسها السلطة المركزية والسلطة المحلية والقوانين التي ينفق على أساسها المال العام، نظرا لما لهذه القوانين من أهمية وإناطة صلاحية الفصل في الخلافات حول تفسير الدستور بالمجلس الدستوري، أي إعادة الصلاحية التي أعطيت له بموجب وثيقة الوفاق الوطني وسقطت في التعديل الدستوري، فلا يجوز أن تبقى الجمهورية بدون مرجعية للبت في تفسير الدستور، كما ينبغي إعادة النظر في قانون إنشاء المجلس الدستوري ونظامه الداخلي لجهة تعيين الأعضاء والنصاب والأكثرية المطلوبة لاتخاذ القرار.."

إشارة إلى أن المؤتمر يستمر يومين وتتمحور جلساته حول دور القضاء الدستوري في انتظام العمل التشريعي العربي، دور القضاء الدستوري في تحقيق العدالة في الدول العربية دور القضاء الدستوري في انتظام إدارة المؤسسة الدستورية واستراتيجيات وآليات تطوير أداء القضاء الدستوري في العالم العربي على أن تصدر توصيات في اختتام المؤتمر.
ن.م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق