بعد الكشف عن المشروع التمهيدي للتعديل الدستوري من قبل مدير ديوان رئاسة الجمهورية، وبعد قراءة سريعة لمضمونه، سجلنا بارتياح وجود كثير من الملاحظات والاقتراحات التي سبق لنا إبداءها ونشرناها في مدونتنا هذه، والتي عرضناها في بعض المقالات المنشورة خاصة في مجلة المجلس الدستوري الجزائري ومجلة الفكر البرلماني لمجلس الامة، وتلك التي قدمناها في بعض الملتقيات الدولية والوطنية على غرار الملتقى الدولي بجامعة الامير عبد القادر بقسنطينة حول التعديلات الدستورية في الدول المغاربية وفي الملتقى الدولي بجامعة الشلف حول التعديلات الدستورية في الوطن العربي، وفي الملتقى الدولي حول تنظيم السلطات في الدساتير العربية، بكلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عباس لغرور، خنشلة؛ وفي الملتقى الوطني حول دور التشريع في ترقية الممارسة السياسية في الجزائر بالمركز الجامعي بغيليزان، وكذلك اليوم الدراسي حول الحوكمة السياسية وجهود إصلاح الدولة في الجزائر في ظل التحولات الراهنة.
وفي ما يلي نعيد قائمة الدراسات التي ساهمنا بها في إثراء النقاش الدستوري في الجزائر والتي ضمنا بعضها في كتابنا الصادر بمناسبة المعرض الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة في شهر أكتوبر والمعنون: "تأملات حول مسار
الاصلاحات الدستورية في الجزائر"، دار الخلدونية، الجزائر 2015.
الأستاذ الدكتور عمار عباس
أستاذ القانون الدستور
كلية الحقوق والعلوم السياسية
جامعة مصطفى اسطمبولي، معسكر
الجزائر
abammar2006@yahoo.fr
قائمة المقالات والمداخلات حول الاصلاحات الدستورية في الجزائر
2014: "تأملات في التعديل الدستوري الجديد"، مجلة الفكر البرلماني العدد 34 صص20 -43.
2014: " التعديلات الدستورية في الجزائرمن التعديل الجزئي إلى الإصلاح الدستوري، الشامل دراسة لإجراءات التعديل القادم ومضمونه"، مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والانسانية، العدد 12 ص ص 96-108.
-2013: "محطات
بارزة في تطور الدستور الجزائري"، مجلة المجلس الدستوري الجزائري، العدد
02 ، 2013، صص 15-42.
-2013: "دور
المجلس الدستوري الجزائري في ضمان مبدأ سمو الدستور"، مجلة المجلس
الدستوري الجزائري، العدد 01 ، 2013، صص 59-94.
-2013: "توسيع
حظوظ مشاركة المرأة الجزائرية في المجالس المنتخبة، أو تحقيق المساواة عن طريق
التمييز الايجابي"، مجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية
والانسانية"، العدد 10 2013.صص 86-95.
-2012: "ملامح
النظام السياسي المنشود في الجزائر"،
المجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية، عدد 1، 2012.
-2011: "مبادرة
الإصلاحات السياسية"، مجلة الفكر البرلماني، رقم 27 ؛
-2010: "المسئولية
السياسية والجنائية
للسلطة التنفيذية في النظام السياسي الجزائري"،
مجلة القانون، المركز الجامعي غليزان، العدد الثاني، 2010.
-2009: "قراءة
في التعديل الدستوري لسنة 2008"، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية
والسياسية، عدد 01 ، 2009.
-2006: "إستجواب الحكومة
من طرف البرلمان في النظام السياسي الجزائري"،
مجلة العلوم القانونية والإدارية، جامعة تلمسان، العدد 04 ، 2006؛
-2010: "التصويت
بالثقة في النظام الدستوري الجزائري بين الممارسة والتطبيق"، مجلة
القانون، العدد الأول، المركز الجامعي غليزان، 2009؛
-2005: "إجراءات
ملتمس الرقابة في الجزائر"، مجلة أبحاث روسيكادا، جامعة سكيكدة، العدد 03
2005؛
-2008: "قراءة
تحليلية للتعديل الدستوري لسنة 2008"، مجلة إدارة، المجلد 18،العدد 2،
2008.
-2004: "تطور الرقابة
الدستورية في الجزائر والعوائق التي تحول دون فعاليتها"، مجلة الحقيقة، جامعة أدرار، العدد 04 2004؛
2015:- مساهمة القضاء الدستوري في حماية البيئة،
الملتقى الوطني حول "الإدارة البيئية
والتنمية المستدامة بين الواقع الاقتصادي ومقتضيات تطور المنظومة التشريعية"،
مخبر التشريعات الاقتصادية، 17 مارس 2015، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة
مصطفى اسطمبولي، معسكر؛
2014-"انعكاسات ترقية الحق في
البيئة إلى مصاف الحقوق الدستورية"، الملتقى الدوي الثاني حول البعد البيئي في السياسات العقارية في الدول المغاربية - الواقع
والأفاق- كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة تيارت، يومي 16 و 17 ديسمبر 4201؛
2014-"بيان السياسة
العامة للحكومة بين الإلزام الدستوري والتقديرالسياسي"، الملتقى الدولي الأول حول تنظيم السلطات في الدساتير العربية
يومي 22 و 23 أكتوبر 2014، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عباس لغرور، خنشلة؛
2015-الدور الرقابي للبرلمان الجزائري العوائق
والحلول، اليوم الدراسي حول الحوكمة السياسية وجهود اصلاح الدولة في الجزائر في ظل
التحولات الراهنة، يوم 09 ديسمبر 2015، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة
جيلالي ليابس، سيدي بلعباس؛
2015-"واقع
الاداء البرلماني في الجزائر"الملتقى الوطني حول دور التشريع في ترقية
الممارسة السياسية في الجزائر، يومي 02 و
03 ديسمبر 2015، المركز الجامعي أحمد زبانة، غيليزان؛
2015-"انعكاسات الإصلاحات الدستورية
في دول المغرب العربي على الرقابة الدستورية، دساتير الجزائر والمغرب وتونس
أنموذجا"، الملتقى المغاربي
حول الإصلاحات الدستورية في المغرب العربي وآفاق التحول الديمقراطي، كلية الشريعة والاقتصاد ، جامعة الامير عبد القادر، 10 و 11 ماي 2015؛
ملاحظاتنا حول مقترحات التعديل الدستوري لسنة 2014
ملاحظة: سننشر لاحقا دراسة تحليلية للمشروع التمهيدي للتعديل الدستوري الذي تم الكشف عنه اليوم الثلاثاء 05 ديسمبر 2016
قلم: الأستاذ الدكتور عمار عباس
باحث في القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة
كلية الحقوق والعلوم السياسية
جامعة مصطفى اسطمبولي، معسكر
مقدمة
الدستور هو أحد المفاهيم الأساسية التي تقوم عليها المؤسسات
السياسية، وهو متداخل مع اكتشاف السياسة ذاتها، حيث سبق لاأرسطو أن اعتبر الدستور تقنية لتنظيم الدولة، عند تحليله لدساتير المدن
اليونانية[1].
من الناحية الاصطلاحية تعني كلمة دستور القانون الأساسي
في الدولة[2]؛
أو "مجموعة القواعد
الأساسية التي يتم وفقا لها تحديد نطاق سلطات الدولة وحقوق الأفراد فيها وواجباتهم،
وكذا شكل العلاقة التي ينبغي أن تقوم بين الأجهزة الرئيسية في هذه الدولة، وبالذات
فيما بين السلطات الثلاث"[3].
يعتبر الدستور الإطار الذي تتعايش فيه السلطة والحرية[4]،
مادامت"ممارسة السلطة ليست غاية في ذاتها، إنما وسيلة لتحقيق مصلحة
المحكومين، كما أن الحرية ليست مطلقة...بل لها ضوابط معينة لممارستها بواسطة سلطة
منظمة وإلا انقلبت بالضرورة إلى فوضى"[5].
يرتبط الدستور بالدولة بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي السائد فيها[6]،
غير أن عدم تضمين الدستور لآليات فعالة لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم، والفصل بين
سلطاتها الثلاث، قد يكون سببا لنفي وجود الدستور أصلا، كما جاء في المادة 16 من
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن[7].
تكاد الدساتير تتشابه في معظم الدول، إلا أن تطبيقها قد يفضي إلى نتائج
متباينة، وفقا للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل دولة، لذلك فإن الإلمام
المجرد بالقواعد الدستورية السائدة في دولة معينة، لا يكفي بحد ذاته للحكم على
نظامها السياسي[8].
تنص الدساتير على إجراءات تعديلها كليا جزئيا، حتى تتكيف مع
الظروف والتحولات التي تعرفها المجتمعات، وتجاوز الأزمات، وهكذا اعتبر تاريخ إصدار
الدستور في فاتح ديسمبر 1993 عيدا وطنيا
في روسيا الاتحادية[9].
لقد عرفت الجزائر منذ الاستقلال وضع عدة نصوص دستورية، سواء
تعلق الأمر بدساتير كاملة أو بالتعديلات الجزئية التي أدرجت عليها، وهي على موعد
للمرة العاشرة[10] مع تعديلات دستورية جديدة،
يراد لها هذه المرة أن تكون توافقية على عكس الدساتير السابقة، لهذا الغرض طرحت
رئاسة الجمهورية مسودة مشروع التعديل الدستوري للنقاش المجتمعي بغية إثرائها.
من خلال اطلاعنا على مشروع التعديل الدستوري المقترح،
سجلنا بعض الملاحظات الإيجابية، في مقابل مجموعة من النقائص، لذلك ارتأينا تقديم
بعض المقترحات نرى أنها تستحق أن تدرج في الدستور القادم، وأرفقناها ببعض الدراسات
حول النظام الدستوري الجزائري، التي سبق وأن نشرناها في بعض المجلات الوطنية أو قدمناها في ملتقيات
وطنية ودولية.
أولا: الملاحظات الإيجابية
تضمن مشروع التعديل الدستوري المقترح جوانب ايجابية،
تعتبر بمثابة سد للنقص الذي اعترى الدساتير الجزائرية السابقة، نحاول استعراض
أهمها فيما يلي:
1.التأكيد على الرغبة في العمل التوافقي
والتشاركي لتعديل الدستور
يتأتى ذلك من خلال الرغبة في إشراك مختلف الأطياف
المكونة للساحة السياسية وللمجتمع المدني وكذا الشخصيات الوطنية والأساتذة
الجامعيين لإبداء آرائهم وملاحظاتهم حول مشروع التعديل الدستوري المقترح[11]، وهذا من شأنه أن يتيح للجزائريين، أن يضعوا
لأول مرة في تاريخهم، دستورا في جو من
التوافق، الأمر الذي لم يتحقق للدساتير الجزائرية السابقة التي كتب لها أن توضع في
خضم أزمات حادة[12]، هذا المعطى سيوفر للدستور القادم تحقيق نوع من
الاستقرار للحياة الدستورية والسياسية في البلاد.
تأكيد التعديل الدستوري في نص الديباجة على هذا
التوافق يظهر من خلال الإعتراف لمختلف مكونات الشعب الجزائري بالمشاركة في تشييد دولة عصرية كاملة
السيادة بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية[13]. حيث أن الصياغة الجديدة تأخذ بعين الاعتبار الطابع
التعددي للمجتمع الجزائري سواء أثناء فترة الاحتلال أو خلال الثورة التحريرية
أوبعد الاستقلال رغم حضر التعددية السياسية، وتبني مبدأ الحزب الواحد؛ حيث كانت
توحي الصياغة القديمة بإقصاء شرائح عديدة من الشعب الجزائري، والتي لم تنخرط في حزب جبهة التحرير الوطني، من فضل المشاركة
في تشييد الدولة العصرية كاملة السيادة، خاصة وأن رموزا من قادة الثورة شكلوا
أحزابا سياسية سرية بعد الاستقلال[14]؛ ولعل هذا التوجه يدخل
في إطار المقاربة التوافقية التي تقوم عليها سياسة الدولة في الفترة الراهنة[15].
2.دسترة مبدأ التداول الديمقراطي على السلطة
تأكيد الديباجة على
حماية الدستور لمبدأ التداول الديمقراطي على السلطة[16]، يستهدف من دون شك الاعتراف بحق المعارضة في الوصول إلى
سدة الحكم وعدم اقتصار ذلك على الأغلبية الحاكمة، لأن جوهر العمل الحزبي بالإضافة
إلى مساهمته في التنشأة والمشاركة السياسية، يستهدف بالأساس الوصول إلى السلطة
بغية تطبيق برنامج الحزب الذي يتجمع حوله المنخرطون في الحزب والمتعاطفين معه؛ على
أن يكون ذلك عبر العمل السلمي والآليات الديمقراطية وعلى رأسها العملية
الانتخابية.
ونظرا لتمتع الديباجة
بنفس القوة القانونية لمواد الدستور،
الأمر الذي سيجعل من أي عمل يستهدف الاعتراض على التداول الديمقراطي
والسلمي على السلطة مخالف للدستور؛ لذلك،
ونظرا لترابط أحكام الدستور مع بعضها البعض، تم اقتراح تحديد تجديد العهدة
الرئاسية بمرة واحدة فقط، على غرار ما هو معمول به في كثير من الدول الديمقراطية،
كالولايات المتحدة وفرنسا.
يعتبر هذا التوجه تسلسلا
طبيعيا للأحداث، حيث سبق للشعب الجزائري تبني هذه المبادئ من خلال إقراره لميثاق
السلم والمصالحة الوطنية عبر الاستفتاء منذ 2005[18].
إن إدراج هذه المبادئ في
ديباجة الدستور يلقي على عاتق السلطة واجب العمل على تعزيز سياسة السلم والمصالحة
الوطنية، والذهاب بها إلى أبعد حد ممكن، بغض النظر عن من هو موجود في سدة الحكم،
كما يجعل أي تقاعس عن تطبيق هذا المبدأ الدستوري في حالة إقراره تخليا عن التزام
دستوري تجاه الشعب الجزائري، ويمنع في نفس الوقت أي اعتراض من أي جهة كانت على تجسيده على أرض
الواقع، لأنه سيصبح من الثوابت الوطنية[19].
4. دعم حماية الاقتصاد الوطني
ويظهر ذلك من خلال اقتراح دسترة مبدأ محاربة الرشوة الفاعلة والسلبية،
والتصريح بالممتلكات، وإقرار مصادرة الممتلكات المكتسبة بفعل الرشوة، أيا كانت
طبيعتها؛ حيث أن الارتقاء بحماية الاقتصاد الوطني من مستوى التشريع العادي وما
تضمنه من إجراءات ردعية، سواء تعلق الأمر بقانون العقوبات أوالقانون المتعلق
بالوقاية من الفساد ومكافحته[20]؛ إلى المستوى الدستوري، من شأنه تمكين السلطات العمومية مدعومة بمشاركة
المجتمع المدني، من محاربة الفساد الذي يطال المال العام.
5.معاقبة القانون على تحيز الإدارة
لم يكتف مشروع التعديل الدستوري المقترح بالنص
على ضمان حياد الإدارة، وإنما أضاف لها الإحالة على القانون لوضع عقوبات ردعية لأي
شكل من كل أشكال تحيز الإدارة، ويدخل هذا في إطار تجسيد مبدأ مساواة المواطنين
أمام المرافق العامة.
6.محاولة توسيع مجال الحقوق والحريات
يتجلى
ذلك من خلال تأكيد مشروع التعديل الدستوري المقترح، على ضمان الحريات المتعلقة
بممارسة الشعائر؛ والتعبير،
وإنشاء الجمعيات، والاجتماع، والتّجمع والتّظاهر السلمي، والصحافة، بل أكثر من ذلك
أصبحت هذه الأخيرة غيـر مقيّدة بأي شكل من أشكال الرقابة الرّدعية المسبقة، شريطة
عدم استغلال هذه الحرية للمساس بكرامة الغير وحرياتهم وحقوقهم[21].
كما تضمن مشروع التعديل
الدستوري المقترح، النص على ضمان المحاكمة المنصفة، ومنع الحجز أو الحبس في
الأماكن التي لا ينصّ عليها القانون، وإلزامية الفحص الطبيّ للقصر، إضافة إلى
إلزام الدولة بحماية الأطفال المشرّدين، وإسعاف المعوقين والمسنين بلا دخل[22].
7.تعزيز الدور التشريعي
والرقابي لغرفتي البرلمان
على مستوى الدور التشريعي للبرلمان، استدرك مشروع
التعديل الدستوري المقترح التناقض الذي كان موجودا في دستور 1996 والذي كان من
نتائجه حرمان أعضاء مجلس الأمة من اقتراح القوانين أو إدخال تعديلات عليها، في
الوقت الذي كان بإمكانهم القيام بذلك على قدم المساواة مع نواب المجلس الشعبي الوطني
من خلال اللجنة متساوية الأعضاء، في حالة التوافق على الأحكام المختلف حولها بين
الغرفتين[23].
علما أن
حق اقتراح القوانين المقترح تخويله لأعضاء مجلس الأمة حدد على سبيل الحصر في
المجالات المرتبطة بالتنظيم
المحلي وتهيئة الإقليم والتقسيم الإداري، بالنظر إلى تركيبة مجلس الأمة التي يتشكل ثلثيها من منتخبين
محليين.
أما على المستوى الرقابي، يظهر هناك نوع من
التقدم الملموس فيما يتعلق بإلزام الحكومة بنصوص دستورية حتى تبقى خاضعة للرقابة
من قبل أعضاء البرلمان؛ من خلال تحديد مدة عشرين يوما لأعضاء الحكومة للرد خلالها على
استجوابات وأسئلة أعضاء البرلمان الكتابية، وإلزام كل غرفة من غرفتي البرلمان على تخصيص جلسة
شهريا، لمناقشة جدول الأعمال الذي تعرضه مجموعة برلمانية من المعارضة، وإلزام
الوزير الأول بحضور الجلسة التي يخصصها المجلس الشعبي الوطني في كل دورة لمراقبة
عمل الحكومة[24].
8.تقوية مكانة المعارضة ودورها
في كل الأنظمة الديمقراطية التي تقوم على مبدأ
التداول السلمي على السلطة، تحظى المعارضة بمكانة هامة، باعتبارها مرشحة للوصول
إلى سدة الحكم لإدارة السياسة العامة للدولة، ومن هذا المنطلق تعطى لها حقوق
تمكنها من إيصال صوتها إلى الأغلبية الحاكمة ومراقبتها.
في هذا الإطار يلاحظ في مشروع التعديل
الدستوري المقترح إعطاء بعض الحقوق للمعارضة، على رأسها تخصيص كل غرفة من غرفتي
البرلمان جلسة شهريا، لمناقشة جدول الأعمال الذي تعرضه مجموعة برلمانية من
المعارضة[25]؛ يضاف إلى ذلك تمكين أعضاء
البرلمان(70 نائبا أو 40 عضوا في مجلس الأمة) من إخطار المجلس الدستوري، وهي آلية
من شأنها تمكين المعارضة، متى استطاعت جمع هذا العدد من التوقيعات، من الطعن أمام
المجلس الدستوري في القوانين والتنظيمات والمعاهدات التي ترى بأنها مخالفة للدستور.
9.في مجال الرقابة الدستورية
زيادة
على اقتراح توسيع حق إخطار المجلس الدستوري لأعضاء البرلمان تم تمكين الوزير الأول
من هذا الحق، إضافة إلى تحديد شروط موضوعية للعضوية في المجلس الدستوري، من حيث
يجب أن يتمتعوا بخبرة مهنية مدّتها
عشرون(20) سنة على الأقل في مجالي التعليم العالي أو القضاء، أو يكونوا قد شغلوا
وظيفة عليا في الدولة أو انتخبوا في إحدى غرفتي البرلمان لفترتين تشريعيتين على
الأقل، وأن يُـشهد لهم بالأخلاق والحياد والنزاهة، الأمر الذي سيسمح دون شك بوصول
الكفاءات للمجلس الدستوري بالنظر إلى الدور المنوط به وعلى رأسه السهر على مطابقة
القوانين للدستور، إضافة إلى رقابة صحة الانتخابات الرئاسية والتشريعية
والاستفتاءات والفصل في الطعون المقدمة بشأنها وإعلان نتائجها النهائية[26].
كما
اقترح مشروع التعديل الدستور سد الفراغ الذي كان موجودا في دستور 1996 فيما يتعلق
بحجية قرارات وآراء المجلس الدستوري بنصه على أنها "نهائية، وملزمة لكل السلطات
العمومية والإدارية والقضائية"[27]؛ إضافة إلى وضع أجلين لإصدار
المجلس الدستوري لقراراته وآرائه، حيث تم تمديد مدة العشرين يوما التي كانت محددة
في دستور 1996 إلى ثلاثين يوما لإعطائه الوقت الكافي لإعداد قراراته وآراءه، على
أنه في حالة الاستعجال يخفض هذا الأجل
إلى عشرة أيام، بناء على طلب من الوزير الأول[28].
10. توطيد استقلالية القضاء
على الرغم من أن تدعيم استقلالية السلطة القضائية كان من بين الأهداف
التي كان من المفترض أن يتوخاها مشروع التعديل الدستوري المقترح، إلا أن ذلك لم
يظهر على مستوى المشروع إلا من خلال إضافة فقرة واحدة للمادة 148 من الفصل المتعلق
بالسلطة القضائية، تضمنت تمكين القاضي من إخطار المجلس
الأعلى للقضاء إذا ما تعرض للضغوط والتدخلات والمناورات التي قد تضر بأداء مهمته،
أو أن تمس نزاهة حكمه.
ثانيا: ملاحظات ومقترحات
نحاول تحت هذا العنوان جمع بعض المقترحات
التي سبق لنا إبدائها في بحوثنا المحتواة في هذا الكتاب، وتم تحيينها في هذا
الفصل، بالنظر لما تضمنه مشروع التعديل الدستوري المقترح، تتعلق أساسا بالحقوق
والحريات وبطبيعة النظام السياسي الجزائري وبالدور الرقابي للبرلمان وتعزيز دور
المعارضة وتفعيل دور المجلس الدستوري.
1.على مستوى الحقوق والحريات
تضمنت كل الدساتير الجزائرية المتعاقبة النص على
مختلف الحقوق والحريات، بل أن دستور 1963 نص في متنه صراحة على موافقة الجزائر على
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[29]، وزادت هذه الحريات اتساعا في دستوري 1989 و
1996، إلا أن ما كان يقيد منها هو الإحالة على المشرع لتنظيمها، وعلى الرغم من
التقدم الذي عرفته بعض الحقوق والحريات في مشروع التعديل الدستوري المقترح، إلا
أنها في نظرنا لا زالت ناقصة.
أ.
المناصفة بين الرجل والمرأة
بعد ما عرفت الحقوق السياسية للمرأة تطورا بارزا بمقتضى
تعديل 2008، والذي ترتب عنه إدراج نظام الحصص الإجباري لتوسيع حظوظ مشاركة المرأة
في المجالس المنتخبة، الذي تم تنظيمه بقانون عضوي بعد ذلك، تضمن
مقترح التعديل الدستوري تعديل المادة 31 مكرر من دستور 1996 لتنص على إلزام الدولة بالعمل على "تجسيد المناصفة بين
الرجل والمرأة كغاية قصوى، وكعامل لتحقيق ترقية المرأة، وازدهار الأسرة، وتلاحم
المجتمع وتطوره، وفي هذا
الإطار، تعمل على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع تمثيلها في المجالس
المنتخبة".
من المعروف أن المناصفة بين الرجل والمرأة تعتبر مرحلة
أكثر تقدما في إطار أحكام اتفاقية القضاء على مختلف أشكال التمييز ضد المرأة لسنة
1979[30]، وذلك بتحقيق المساواة التامة بين الجنسين، علما أن نظام الكوتا أو
الحصص الإجباري تعتبره الاتفاقية المذكورة آنفا تمييزا إيجابيا بين المواطنين[31]، وهو مجرد إجراء مرحلي للوصول إلى المساواة التامة بين الجنسين، ولعل
هذا التعديل يحاول استشراف أقصى ما يمكن أن يصل إليه مبدأ المساواة بين الجنسيين
على الخصوص؛ أمر كهذا يبدو صعب التحقيق في مجتمع محافظ يقوم على قيم تقر بعض
التمييز بين المرأة والرجل؛ كما أن المناصفة تتعارض أصلا مع نظام الحصص الإجباري
الذي احتفظ به في مشروع التعديل الدستوري المقترح.
لذلك نقترح تذييل هذه المادة في حالة الاحتفاظ بها
بعبارة"في إطار أحكام الشريعة الإسلامية"، على اعتبار أن هناك أحكام
قطعية الدلالة في الشريعة الإسلامية لا يستقيم معها مبدأ المناصفة، كما هو الحال
بالنسبة لأحكام الميراث والشهادة والطلاق.
ب.
إدراج الجيل الثالث لحقوق الإنسان
على الرغم من
ترقية كثير من النصوص من مستوى التشريع عاديا كان أو عضويا إلى المستوى الدستوري،
لسنا ندري سبب إغفال مشروع التعديل الدستوري المقترح لبعض الحقوق المنصوص عليها في
بعض التشريعات، على غرار حقوق الجيل الثالث المتمثلة في الحق في بيئة سليمة وفي التنمية والحق في
الماء مع إلزام الدولة بالحفاظ على الثروة المائية وترشيد استهلاكها، إضافة إلى
الحق في الحصول على المعلومة، وهي حقوق تمت الإشارة إليها بطريقة غير مباشرة في قانون
البيئة في إطار التنمية المستدامة وقانون الإعلام.
إن إغفال إدراج
هذه الحقوق، يجعل الدستور الجزائري متخلفا عن الدساتير الجديدة لدول شمال إفريقيا،
لذلك نرى أنه من الضروري دسترة هذه الحقوق، لأن ذلك من شأنه أن يعطي للمجلس
الدستوري قاعدة دستورية يراقب من خلالها مدى احترام المشرع لهذه الحقوق عند تشريعه
في الميادين الاقتصادية والصناعية، والتي يمكن أن تحتوي على أحكام من شأنها
الإضرار بالبيئة، كما تمكن المدافعين عن البيئة من سند دستوري يساعدهم في العمل
على الدفاع عن البيئة والحفاظ عليها[32].
كما نقترح في
نفس السياق توسيع نشاط المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي إلى المجال البيئي
لتصبح تسميته"المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي"، مع النص على ضرورة استشارته حول مشاريع القوانين
التي لها تأثير على البيئة.
ج.التنمية
المستدامة وحماية حقوق الأجيال القادمة
على الرغم من تأكيد رئيس الجمهورية في كل خطاباته
التي تلت فوزه في الانتخابات الرئاسية على التنمية المستدامة البعيدة عن الاقتصاد
الريعي وحماية حقوق الأجيال القادمة، إلا أن ذلك لم حظى بمكانة ضمن مشروع التعديل
الدستوري المقترح.
فقد جدد رئيس الجمهورية التزامه، وبمساعدة الشعب
الجزائري، على السهر على"مواصلة التنمية وعلى بناء اقتصاد متنوع، متنامي القوة،
يكون مكملا لإمكانياتنا من المحروقات"[33]،
وذلك "بتطوير اقتصاد منتج وتنافسي في القطاعات جميعها"[34]؛
كما شدد في مناسبة أخرى على أنه" لم يعد بالإمكان لا
الاستمرار في التهاون في العمل وفي خلق الثروة وتحقيق التراكم وفي القيام
بالواجبات، ولا التمادي في استغلال ما أتاحه الله لنا من الموارد الطبيعية التي هي
ملك للأجيال المقبلة...لقد نهضت الأمم التي اعتمدت على الجهد والعرق، وتخلّفت
الأمم التي اعتمدت على عوائد خاماتها، تماما كما انتصرت بالأمس، الثورات التي
اعتمدت على طاقة أبنائها وفشلت تلك التي أوكلت مصيرها إلى غيرها"[35].
لذلك نرى أنه من الضروري تضمين الدستور القادم
نصا يؤكد على حق المواطن في تنمية مستدامة وإلزام الدولة والمواطنين بالعمل على
حماية حقوق الأجيال القادمة ولما لا استحداث هيئة
تتكفل بذلك.
يلاحظ هنا أنه بقدر ما تعتبر الإحالة على القانون العضوي
ضمانة لحماية حرية تشكيل الأحزاب السياسية ونشاطها بالنظر إلى الشروط الواجب
توافرها في هذا النوع من القوانين سواء ما تعلق منها بالنصاب المطلوب توافره للتصويت
عليها في غرفتي البرلمان أو خضوعه لرقابة المطابقة للدستور من قبل المجلس الدستوري[37]، إلا أنه كان من الأجدر تضمين هذا القانون حقوق الأحزاب
السياسية، زيادة على التزاماتها وواجباتها، حتى لا يتحول هذا القانون إلى معرقل
للنشاط الحزبي، وبالتالي يتم إفراغ التعددية الحزبية من محتواها.
ه.توسيع مجال القانون العضوي
يلاحظ توسيع مجال القانون العضوي لتنظيم كثير من المسائل
خاصة تلك المرتبطة بالحقوق والحريات، وفي هذا الإطار يلاحظ الارتقاء بالقانون
المنظم للجمعيات من مستوى القانون العادي إلى مستوى القانون العضوي، وربما يعود ذلك إلى الانتقادات التي تلقاها قانون
الجمعيات الصادر سنة 2012 من مختلف مكونات المجتمع المدني، والتي رأت بأن المشرع
ضيق كثيرا على النشاط الجمعوي في الوقت الذي تتجه فيه سياسة الدولة إلى تبني
مقاربة تشاركية، تلعب فيها الحركة الجمعوية دور الشريك للسلطات العمومية في اتخاذ
القرارارات.
إذا كان الهدف من إدراج تنظيم بعض الحقوق في مجال
القانون العضوي تقييد المشرع باحترام الدستور، على اعتبار ان القوانين العضوية
تخضع لرقابة المطابقة للدستور من قبل المجلس الدستوري قبل صدورها، وهو ما يوفر لها
قرينة الدستورية، إلا ان ذلك ليس كافيا بالنظر إلى تركيبة المجلس الدستوري والذي
قد يغلب أعضاءه انتمائهم السياسي على الجوانب الدستورية، وهو انتقاد موضوعي عادة
ما يوجه للرقابة السياسية على دستورية القوانين، لأجل ذلك يبقى تمكين المجتمع
المدني من التنظيم في جمعيات عن طريق الإخطار هو أكبر ضمان لحرية الحركة
الجمعوية.
2.حول طبيعة النظام السياسي الجزائري
يبدو جليا من خلال مقترح مشروع التعديل الدستوري،
الميل الكلي نحو تبني النظام الرئاسي، مع الإبقاء على بعض مظاهر النظام البرلماني،
وهو ما لا يستقيم مع النظام الرئاسي، على غرار الاحتفاظ بالمسؤولية السياسية
للحكومة وحل المجلس الشعبي الوطني[38].
من المعلوم أن النظام السياسي الجزائري عرف مظاهر
النظام البرلماني على مستوى النصوص
الدستورية التي وضعت بعد الاستقلال مباشرة[39]، ومن أبرز هذه المظاهر المسؤولية السياسية
للسلطة التنفيذية مع حقها في حل البرلمان، إلا أن الممارسة أظهرت الطبيعة الرئاسية
للنظام السياسي الجزائري حتى قبل إنشاء مؤسسة رئاسة الجمهورية في دستور 1963[40].
غير أن التحول الذي عرفه النظام السياسي الجزائري
انطلاقا من التعديل الدستوري لسنة 1988 ثم في دستوري 1989 و 1996، بمحاولة إقامة
نظام شبه رئاسي على الطريقة الفرنسية، لم يكتب له أن يخضع للتجربة الحقيقية، ورغم
ذلك تم التراجع عنه كليا بمقتضى التعديل
الدستوري لسنة 2008، بحجة التناقضات التي كانت موجودة في الدستور، وعلى رأسها
الخشية من تزامن رئيس للجمهورية مع حكومة من تيار سياسي معارض له، وهو ما قد يحول
دون تطبيق رئيس الجمهورية للبرنامج الذي انتخب على أساسه، مدام الدستور كان يلزم
الحكومة بتطبيق برنامجها، ولعل هذا التناقض نفسه هو الذي دفع بالمؤسس الدستوري
الفرنسي إلى إدخال تعديلات على دستور 1958 سنة 2008 في إطار إصلاح مؤسسات الجمهورية[41].
في هذا الإطار نرى بأن التمسك بالنظام الرئاسي لا
يستقيم مع التحولات التي يعرفها العالم، والتي تقتضي خضوع السلطة التنفيذية
للمسائلة تطبيقا لقاعدة"حيثما توجد السلطة توجد المسؤولية"؛ والقول
بخضوع حكومة الوزير الأول للمسائلة، يبدو غير طبيعي، لأن السلطة الحقيقية في يد
رئيس الجمهورية، وهو ما يجعل من مسؤولية الحكومة وكأنها مسؤولية سياسية غير مباشرة
لرئيس الجمهورية، والذي لا يمكن للبرلمان مساءلته لأنه منتخب من طرف الشعب، وهو
بذلك مسؤول فقط أمام هيئة الناخبين بمناسبة الانتخابات الرئاسية، والتي بإمكانها
تجديد الثقة فيه بإعادة انتخابه، أو سحبها منه بانتخاب مرشح آخر.
كما يجدر التذكير بأن النظام الرئاسي لم يكتب له
النجاح في دولة أخرى غير الولايات المتحدة الأمريكية، فحتى الدول التي تأثرت به
سواء في أمريكا اللاتينية أو إفريقيا، بحجة تحقيق الاستقرار والتنمية بعد الاستقلال،
فشلت في ذلك، وتولد عنه أنظمة رئاسوية أو رئاسية متشددة، وهو ما أفضى إلى إقامة
أنظمة استبدادية، كما أنه يدفع إلى تعزيز الأحادية الحزبية والتفاف الوصوليين حول
حزب الرئيس[42].
لذلك نرى أنه من الأجدر تحسين النظام شبه الرئاسي
الذي تم تبنيه منذ 1988، لأنه في رأينا الأصلح
للجزائر في الوقت الحاضر، مادام النظام البرلماني هو الآخر صعب التحقيق في
ظل ضعف الأحزاب السياسية؛ علما أن الكثير من الأحزاب السياسية اقترحت على لجنة
المشاورات التي ترأسها السيد عبد القادر بن صالح سنة 2011 تبني النظام البرلماني
وبدرجة أقل النظام شبه الرئاسي، في حين لم يفصل بعضها في ذلك[43].
3.الدور الرقابي للبرلمان
على الرغم من الجدل الذي عرفته الساحة السياسية
والبرلمانية حول علاقة الحكومات المتعاقبة مع البرلمان، هذا الأخير الذي جرد من
استعمال أدوات الرقابة الردعية تجاه الحكومة على الرغم من النص عليها دستوريا،
ونعني هنا اقتراح ملتمس رقابة والتصويت بالثقة، وتجلى ذلك بإحجام الكثير من رؤساء
الحكومات عن تقديم بيان سنوي عن السياسة العامة لحكوماتهم على الرغم من النص
الدستوري الذي يلزمهم بذلك[44]، ولعل هذا الإحجام يستهدف الحيلولة دون استخدام
نواب المجلس الشعبي الوطني للمبادرة بملتمس الرقابة نظرا لأن تحريكه مرتبط ببيان
السياسة العامة[45]، كما أن التصويت عليه بأغلبية الثلثين يترتب عنه
استقالة الحكومة، علما أن التصويت بالثقة لا يكون إلا بطلب من الوزير الأول
وبمناسبة بيان السياسة العامة كذلك[46].
لذلك وتفاديا للمخالفات الدستورية المتكررة
للحكومات، ندعوا لإلزامها بنص دستوري واضح المعنى بتقديم بيان سنوي عن سياستها
العامة أمام المجلس الشعبي الوطني، لأن الإكتفاء بتخصيص المجلس الشعبي الوطني لجلسة، في كل دورة، لمراقبة عمل
الحكومة بحضور الوزير الأول وجوبا، ليس له معنى، نظرا لغياب الجزاء المترتب على
هذه المراقبة، بل أن نية المؤسس الدستوري تبدو واضحة في تجريد هذه الرقابة من
الفعالية، ومن ثم ستتحول هذه المناسبة إلى مجرد حوار بين المعارضة والوزير الأول،
بل أكثر من ذلك فرصة لداعمي الحكومة لتثمين جهودها.
كما أن النص في الدستور
على آجال تلزم أعضاء الحكومة للرد على استجوابات وأسئلة أعضاء البرلمان، ليس له
معنى ما دامت هذه الآجال منصوص عليها في القانون العضوي المنظم للعلاقة بين غرفتي
البرلمان وبينهما وبين الحكومة، لأن عدم احترام هذه الآجال وارد، مادامت الحكومات
دأبت على رفض تقديم بيان سنوي عن سياستها العامة رغم النص عليه دستوريا[47].
كما نرى أنه من الأجدر تقوية وسائل الرقابة السهلة
الاستخدام والغير مرتبطة بمناسبات معينة على غرار لجان التحقيق والأسئلة
والاستجوابات وذلك بإزالة كل العراقيل التي من شأنها الحد من استعمالها أو تحقيقها
لأهدافها والمتمثلة على الخصوص في فرض رقابة مستمرة على الحكومة لدفعها لتقويم
عملها.
حيث لوحظ من خلال تحليل الأسئلة البرلمانية على الخصوص،
استعمالها أكثر من طرف الأغلبية الحاكمة نظرا للدور الذي قد يلعبه مكتبا غرفتي
البرلمان في استبعاد أسئلة المعارضة على الرغم من عدم ترتيب أي جزاء جدي على هذه
الوسيلة الرقابية، لذلك نقترح إدراج أنواع جديدة من الأسئلة على غرار أسئلة
الساعة، وهي نوع من الاسئلة تعطى لها الاولوية في جدول الأعمال كلما كانت مرتبطة
بقضايا الساعة وهي آلية تمكن الحكومة من تقديم مواقفها في هذا النوع من القضايا[48].
4.إعادة التوازن بين غرفتي البرلمان
من المعروف أن نظام الثنائية البرلمانية الذي تبناه
المؤسس الدستوري الجزائري بمقتضى دستور 1996 أقام علاقة تكاملية بين غرفتي
البرلمان سواء في ميدان الرقابة أو التشريع، ويظهر
هذا التكامل في ممارسة الوظيفة التشريعية من خلال ضرورة مرور مشاريع واقتراحات
القوانين على الغرفتين لمناقشتها والمصادقة عيها، وكذا عبر العمل الرقابي على عمل
الحكومة الذي تقوم به الغرفتين؛ ويظهر التكامل بين الغرفتين في اللجنة المتساوية
الأعضاء في حالة حدوث خلاف بينهما حول أحكام نص من النصوص المعروضة عليهما[49]، إضافة إلى إمكانية اجتماع البرلمان بغرفتيه تحت
رئاسة واحدة، في الحالات التي حددها الدستور تحت رئاسة واحدة؛ وذلك بناء على استدعاء إما من طرف رئيس
الجمهورية أو من يخلفه، أو رئيس مجلس الأمة[50].
وفي
مقابل هذا التكامل بين غرفتي البرلمان كان هناك عدم مساواة بينهما سواء في نوعية
وسائل الرقابة المخولة لكل غرفة، على اعتبار أن المصادقة على مخطط عمل الحكومة
واختتام بيان السياسة العامة باقتراح ملتمس رقابة والتصويت على طلب الثقة، والتي
تترتب عنها المسؤولية السياسية للحكومة، مقتصر استعمالها فقط على المجلس الشعبي
الوطني، في مقابل إمكانية تعرضه للحل دون مجلس الأمة، إلا أن تمكين أعضاء مجلس
الأمة من اقتراح القوانين في مشروع التعديل الدستوري، مع الإبقاء على نصاب ثلاثة
أرباع لمصادقته على القوانين، من شأنه تكريس نوع من التمايز بين الغرفتين على
الرغم من أن الشرعية الانتخابية لنواب المجلس الشعبي الوطني تفوق شرعية أعضاء مجلس
الأمة المنتخبين بالاقتراع غير المباشر زيادة على وجود ثلث معين من بينهم.
لذلك
نقترح إعادة النظر في النصاب الذي يصادق به أعضاء مجلس الأمة على القوانين من
ثلاثة أرباع(3/4) إلى الثلثين(2/3)، مع الإبقاء على نصاب الثلاثة أرباع لتصويت
مجلس الأمة على القوانين العضوية في مقابل الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس الشعبي
الوطني، باعتبار هذه القوانين مكملة للدستور[51].
علما أن
استحداث مجلس الأمة كان من بين أهدافه استخدامه كصمام أمان في وجه أي أغلبية
متطرفة تصل إلى المجلس الشعبي الوطني، وذلك من خلال تقنية الربع المعطل، ولو أن
هذا الاخير يمكن أن يتشكل من أحزاب المعارضة وعندها يتحول إلى خطر يهدد السير
العادي للعملية التشرعية، بما فيها حتى التعديل الدستوري.
5. حكومة نابعة من الأغلبية
كان منتظرا أن يتم التنصيص على إلزام رئيس
الجمهورية بنص دستوري لتعيين الوزير الأول من الأغلبية المشكلة للمجلس الشعبي
الوطني سواء كانت حزبا واحدا أو تحالف عدة أحزاب، إلا أن ذلك لم يؤخذ بعين
الاعتبار في مشروع التعديل الدستوري المقترح، وبقي رئيس الجمهورية يتمتع بالسلطة
التقديرية في اختيار وتعيين الوزير الأول وإنهاء مهامه.
على الرغم من أنه لا يمكن أن نتصور أن رئيس
الجمهورية سيستعمل سلطته التقديرية في اختيار وزير أول لا يحظى بدعم الأغلبية المشكلة للمجلس الشعبي
الوطني، حتى ولو كان غير منتمي لها سياسيا[52]، إلا أن عدم تكليف الأغلبية برئاسة الحكومة، من
شأنه أن يقضي على التنافس الحزبي في الانتخابات التشريعية الذي يستهدف الوصول إلى
السلطة لتطبيق برنامج الحزب، وحينها تتحول الانتخابات إلى مجرد قناة للوصول إلى
البرلمان للاستفادة من الامتيازات المادية والحصانة البرلمانية؛ مع الاكتفاء
بالمساندة غير المشروطة لحكومة الرئيس، أو المعارضة من أجل المعارضة.
يضاف إلى ذلك أن عدم وضع الأحزاب -سواء كانت
مساندة أومعارضة للرئيس- على المحك لتجريب قدرة كوادرها في إدارة الحكومة، يجعلها
في منأى عن المسائلة، وترمي بالمسئولية
السياسية عن إدارة الشأن العام لرئيس
الجمهورية وحكومته.
والقول بالخشية من تمسك المعارضة بالسلطة في حالة
الوصول إليها، أصبح أمرا مردود عليه بعد إقتراح إدراج مبدأ التداول الديمقراطي في
الديباجة؛ كما أن الواقع العملي أثبت في الدول العربية المجاورة كيف اصطدمت
التيارات السياسية المعارضة التي وصلت إلى السلطة في هذه البلدان بحقيقة الميدان،
بعد حراك ما عرف بالربيع العربي[53]، حيث ظهر الفارق الكبير بين التنظير والتطبيق،
في الوقت الذي يؤجل استبعاد التيارات السياسية المعارضة من تولي السلطة، الحكم عليها
من قبل الناخبين وتبقى دائما في نظرهم بديلا مطروحا للنظام القائم إلى أجل غير
مسمى.
6.تقوية المعارضة
تحظى المعارضة بمكانة هامة في الأنظمة
الديمقارطية، لذلك فهي تحتل مكانة مميزة في النظام السياسي، حيث يتلخص دورها في
كبح الحكومة؛ وينظر لها دائما بأنها الحكومة البديلة، لذلك غالبا ما تشكل ما يعرف
بحكومة الظل، تتألف من برلمانيين يشرفون على حقائب وزارية موازية للوزارات التي
تتكون منها الحكومة القائمة، فتقوم بناء على ذلك بإعداد برنامج بديل لبرنامج
الأغلبية الحاكمة.
لأجل ذلك هناك مزايا عادة
ما تتمتع بها المعارضة الرسمية للحكومة، على غرار الحق في أخذ الكلمة بعد تدخل
الحكومة في البرلمان، ومنحها مجالا أوسع لطرح الأسئلة واستجواب الحكومة مقارنة
ببقية الأحزاب، وفي بعض الأحيان تستفيد حتى من دعم مادي لتغطية مصاريف البحث
والمستخدمين، لتكوين إطاراتها المرشحة لتولي المناصب العليا في الدولة في حالة
وصولها للحكم.
أما في مشروع التعديل
الدستوري المقترح، فبغض النظر عن بعض ملامح تمكين المعارضة من بعض الحقوق كالنص
على تخصيص كل غرفة من غرفتي البرلمان لجلسة شهرية، لمناقشة
جدول الأعمال الذي تعرضه مجموعة برلمانية من المعارضة، وتمكين أعضاء غرفتي
البرلمان من إخطار المجلس الدستوري، والذي إن حدث، سيكون في الغالب من برلمانيين
ينتمون للمعارضة؛ لم نجد هناك مؤشرات أخرى على إعطاء مكانة هامة للمعارضة
باعتبارها شريك في منظومة الحكم.
يضاف إلى ذلك ففي مقابل أخذ المشروع بعدد تناسبي بين
غرفتي البرلمان لإخطار المجلس الدستوري نظرا لعدم تماثلهما في التشكيل(عدد أعضاء
مجلس الامة لا يمكن ان يتجاوز نصف عدد أعضاء المجلس الشعبي الوطني)، إلا أن اشتراط
عدد سبعين(70) نائبا أو أربعين(40) عضوا في مجلس الأمة، يبدو صعب التحقيق خاصة من
قبل المعارضة في الغرفتين، لذلك نقترح تخفيضه إلى خمسين (50) عضوا في المجلس
الشعبي الوطني وثلاثين (30) عضوا في مجلس الأمة، لأن فكرة إعطاء حق الإخطار للكتل
البرلمانية في الغرفتين من شأنه إغراق المجلس الدستوري بالطعون ضد القوانين بحجة
عدم دستوريتها.
وكآليات لتقوية المعارضة، يمكن الاستفادة من التوجه الذي
ذهب إليه المؤسس الدستوري التونسي في دستور 2014 عندما اعتبر
المعارضة مكونا أساسيا في مجلس النواب، وأعطاها حقوقها التي تمكنها من النهوض
بمهامها في العمل النيابي وتضمن لها تمثيلية مناسبة وفاعلة في كل هياكل المجلس
وأنشطته داخليا وخارجيا، وأكثر من ذلك أسند إليها وجوبا رئاسة اللجنة المكلفة
بالمالية ومقرر باللجنة المكلفة بالعلاقات الخارجية، وأعطاها الحق كل سنة في تكوين
وترؤس لجنة تحقيق، في مقابل واجبها بالإسهام قي تنشيط وبناء العمل النيابي[54].
7.تعزيز
الفصل بين السلطات
كل
الدراسات المتعلقة بالعلاقة بين السلطات في النظام السياسي الجزائري تشير إلى تفوق
السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية[55]، وعلى الرغم من بعض مظاهر التعاون
والرقابة المتبادلة بين السلطتين(كمواجهة حق حل المجلس الشعبي الوطني بالمسؤولية
السياسية للحكومة أمامه)، إلا أن مجالات تدخل وتأثير السلطة التنفيذية على السلطة
التشريعية تبدو أكثر اتساعا، ويظهر ذلك على الخصوص من خلال تمكين رئيس الجمهورية
من حل المجلس الشعبي الوطني دون قيود موضوعية
واللجوء إلى استفتاء الشعب في كل القضايا ذات الأهمية الوطنية من دون تحديد على سبيل
الحصر، إضافة إلى سلطته في الاعتراض على القوانين وإصدارها.
فإذا كان
الاعتراض على القوانين يمكن تجاوزه بإعادة تصويت المجلس الشعبي الوطني عليها
بأغلبية الثلثين، إلا أن تأخر رئيس الجمهورية في إصدار القوانين لا يترتب عليه أي
جزاء، مما يمكن معه تعطيل دخول القانون حيز النفاذ، لذلك نقترح تخويل رئيس المجلس
الشعبي الوطني بإصدار القانون في حالة انقضاء
ثلاثين يوما دون إصدارها من قبل رئيس الجمهورية، كما كان عليه الحال في
دستور 1963[56].
ولعل
أكبر مثال على اتساع صلاحيات رئيس الجمهورية على حساب البرلمان هو إعطاءه صلاحية
التشريع بأوامر في حالات عديدة(عند شغور المجلس الشعبي الوطني و بين دورتي البرلمان؛
وفي الحالة الاستثنائية؛ إضافة إلى إمكانية إصدار مشروع قانون المالية بأمر في
حالة عدم مصادقة البرلمان عليه خلال 75 يوما)[57]، على الرغم من أنه كان يمكن تقليص
هذه الحالات وحصرها في حالتي الظروف الاستثنائية وشغور المجلس الشعبي الوطني، لأن
تمكين رئيس الجمهورية من التشريع عن طريق الأوامر بين دورتي البرلمان رغم إمكانية
اجتماع هذا الأخير في دورات استثنائية، من شأنه أن يجعل من رئيس الجمهورية سلطة
تشريعية موازية للبرلمان، ويضعف من الدور التشريعي للبرلمان، وهو ما يتناقض مع نص
الدستور على أن للبرلمان للسيادة في إعداد القانون والتصويت عليه[58].
8.تدعيم مبدأ التعاون بين السلطات
على
الرغم من تعدد مجالات التعاون والتأثير المتبادل بين السلطتين التفيذية والتشريعية
على الخصوص، إلا أن الاقتصار على النص على استشارة رئيس الجمهورية للسلطة التشريعة
والمجلس الدستوري عند إقدامه على اتخاذ بعض القرارات الهامة، خاصة منها حالات الظروف الاستثنائية(الحصار
والطوارئ والحالة الاستثنائية والحرب)، يبدو أمرا شكليا أكثر منه إجراء جوهري له
تأثير على اتخاذ القرار؛ لذلك نقترح تحديد بعض الحالات التي لا بد من موافقة
البرلمان قبل إعلانها، نظرا لما قد يترتب عنها من آثار قد تحد من حقوق الأفراد
وحرياتهم.
9.
في مجال الرقابة على دستورية القوانين
رغم
العناية التي أولاها مشروع التعديل الدستوري المقترح لتفعيل دور المجلس الدستوري، والتي تظهر على
الخصوص من خلال توسيع حق الإخطار إلى أعضاء البرلمان، إلا أننا نرى أن تمكين
الوزير الأول من الإخطار ليس له معنى في ظل الطبيعة الرئاسية للنظام السياسي
الجزائري، مادام مجرد منفذ لبرنامج رئيس الجمهورية، الأمر الذي لا يتصور معه
إقدامه على الطعن في قوانين قدم هو بنفسه مشاريعها وصادقت عليها الأغلبية
البرلمانية المساندة له.
كما
أن توسيع التشكيلة إلى إثني عشر عضوا لن يكون له أي تأثير على فعالية المجلس بغض
النظر عن تحقيق ذلك لمساواة نظرية في التمثيل بين السلطات الثلاث، إذا علمنا أن
الأربع قضاة المنتخبين والممثلين للسلطة القضائية سبق لهم وأن عينوا كقضاة بمرسوم
رئاسي، يضاف لهم إمكانية انتخاب مجلس
الأمة لعضوين من الثلث الرئاسي، وهو ما يجعل المجلس الدستورية في تبعية تامة
للسلطة التنفيذية، خاصة إذا أضفنا إلى ذلك أداء أعضاء المجلس الدستوري للقسم أمام رئيس الجمهورية.
أما
التأكيد على حجية آراء وقرارات المجلس الدستوري في مواجهة جميع السلطات رغم
أهميته، إلا أن ذلك سبق النص عليه في النظام المحدد لإجراءات عمل المجلس الدستوري،
علما أن بعض آراء وقرارات المجلس الدستوري أصبحت ملغاة بحكم ما تضمنه مشروع
التعديل الدستوري المقترح، خاصة رأيه المتعلق بفتح العهدات الرئاسية، واشتراط
الجنسية الجزائرية الأصلية لزوج الرئيس[59].
تبقى
في نظرنا أحسن وسيلة لتفعيل المجلس الدستوري في غياب إعطاء الحق للمواطنين للطعن
في القوانين المخالفة للدستور أمام المجلس الدستوري، تمكين هذا الأخير من حق التحرك
التلقائي لرقابة أي نص قانوني يرى بأنه يمس بالحقوق والحريات، على اعتبار أن
القوانين العادية والتنظيمات تخضع للرقابة الدستورية الاختيارية القبلية أو
البعدية لصدورها، وهو ما قد يفضي إلى صدور نصوص قد تتضمن أحكاما مخالفة للدستور
ورغم ذلك تصبح نافذة، وحتى وإن أخطر المجلس بعد صدورها، تكون قد أنشأت حقوقا
ومراكز قانونية، نتيجة عدم تحديد أجل للإخطار بعد دخول القانون حيز النفاذ، وهو ما
من شأنه تهديد الأمن القانوني، وقد سبق أن حدث ذلك مع النص المتضمن إنشاء محافظة
الجزائر الكبرى والذي تم إلغاءه بعد مرور ما يقارب الثلاث سنوات على إصداره[60].
كما أن الإبقاء على سلطة
المجلس الدستوري في إعداد قواعد عمله والإجراءات الواجب اتباعها أمامه، وإن كان
فيه تعزيز لاستقلاليته، إلا أنه من غير المعقول أن تنفرد جهة مختصة بالفصل في
المنازعات بوضع القواعد الإجرائية المتبعة أماهما، لذلك ندعوا إلى أن يكون ذلك من
اختصاص البرلمان وبقانون عضوي، على غرار التجربة الفرنسية[61]، وفي إطار الاتجاه نحو
توسيع مجال القانون العضوي الذي يتجه إليه مشروع التعديل الدستوري المقترح[62].
10.
إصلاح النظام الانتخابي
يعود الضعف الذي يشهده أداء المجلس الشعبي الوطني والإنسداد الذي تعرفه كثير من المجالس المحلية،
إلى نظام التمثيل النسبي المعتمد لتحديد نتائج الانتخابات.
فعلى الرغم من أن الهدف الرئيسي من وراء تبني نمط
التمثيل النسبي مع تطبيق قاعدة الباقي الأقوى لتحديد نتائج انتخابات أعضاء المجالس
البلدية والولائية وأعضاء المجلس الشعبي الوطني، كان بغرض السماح
لترقية التنافس بين التشكيلات السياسية على أساس البرامج وليس الأشخاص[63]، إلا أن الواقع أثبت أن النتائج كانت عكسية، حيث
أصبح واضحا للعيان استخدام المال الفاسد لاحتلال رؤوس القوائم بغض النظر عن الحزب
وبرنامجه، مع تشجيع رؤساء الأحزاب على ذلك[64]، ولعل هذا ما ساعد على ظاهرة التجوال السياسي.
لذلك كله، وفي ظل القوائم المغلقة التي لا تتيح
للناخب اختيار الكفاءات من داخل القوائم المتنافسة، نقترح إعادة النظر في نمط
الانتخاب الحالي، وذلك بإعطاءه جرعة من الاقتراع الفردي، خاصة في الانتخابات
التشريعية، وليكن ذلك بتخصيص ثلث(1/3) المقاعد في كل دائرة للانتخاب الفردي، حيث
يتم الانتخاب بطريقة الاقتراع على الإسم الواحد بالأغلبية في دورين، فهذه الطريقة
ستسمح للكفاءات التي لم تجد مكانها ضمن قوائم الأحزاب، بالترشح فرديا وفي دوائر صغيرة،
يكون فيها المترشحون أقرب إلى ناخبيهم،
وهو ما يدفع بالأحزاب إلى إعادة النظر في الطريقة التي تختار وترتب بها مرشحيها،
كما يكون بإمكانها تقديم مترشحين باسم الحزب في الدوائر المخصصة للانتخابات
الفردية، وفي هذه الحالة تكون مطالبة بتقديم أحسن ما لديها من إطارات للظفر بهذه
المقاعد[65].
[1] cf, Abdeltif Memouni,
institutions politiques et droit constitutionnel : Les Editions Toubkal,
Tome I , première édition, 1991, p .27.
[2] - أنظر حول الدستور أحمد سرحال، القانون الدستوري والنظم السياسية، الإطار-المصادر، المؤسسة
الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الاولى، بيروت 2002 ،ص141-177.
[3] - أحمد الرشيدي، تحرير مصطفى
علوي، الإصلاح المؤسسي ، الإطار الدستوري كأساس لإدارة شؤون الدولة والمجتمع، مركز
دراسات واستشارات الإدارة العامة، منتدى السياسات العامة، 2001، ص 14.
[4] -الحاج قاسم محمد، القانون
الدستوري والمؤسسات السياسية، المفاهيم الأساسية والنظم السياسية، الطبعة الرابعة،
دار النشر المغربية، 2009، ص 3.
[5] - نزيه رعد، القانون الدستوري
العام، المبادئ العامة والنظم السياسية، المؤسسة الحديثة للكتاب، الطبعة الثانية،
طرابلس، لبنان، 2008، ص 66.
[6] - نزيه رعد، القانون الدستوري
العام، المبادئ العامة والنظم السياسية، المؤسسة الحديثة للكتاب، الطبعة الثانية،
طرابلس، لبنان، 2008، ص 65-66.
[7] -"toute société dans laquelle
les garanties des droits n'est pas assurer ni la séparation des pouvoirs
déterminée n'a point de constitution".
[8] -مصطفى
صالح العماوي، التنظيم السياسي والنظام الدستوري، دار الثقافة للنشر والتوزيع،
الطبعة الأولى الإصدار الأول، عمان 2009، ص 21.
[9] -أحمد سرحال، القانون الدستوري والنظم السياسية، الإطار-المصادر، المؤسسة
الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الاولى، بيروت 2002، ص 136.
[10]-ويتعلق الامر بدساتير 1963
و 1976 و 1989 و 1996، وتعديلات 1979 ، 1980 ، 1988 و 2002 و 2008.
[11] -حيث دعى رئيس الجمهورية
السيد عبد العزيز بوتفليقة جميع الجزائريين إلى"ترقية توافقية لرغبتنا المشتركة في الديمقراطية، وإلى
الانخراط سويا في بناء جزائر الحداثة، في كنف التمسك بثوابتنا الوطنية ومكونات
هويتنا الوطنية من إسلام وعروبة وأمازيغية"؛ من كلمة رئيس الجمهورية السيد
عبد العزيز بوتفليقة التي وججهها لشعب الجزائري بعد أدائه اليمين الدستوري في 28
أفريل 2014.
[12]-أنظر عمار عباس، محطات
بارزة في تطور الدستور الجزائري، مجلة المجلس الدستوري الجزائري، العدد 02 ، 2013،
صص 15-42.
[13]-تم اقتراح صياغة المقطع السادس من الديباجة على النحو
التالي:"وبعد أن توجت الحرب التحريرية الشعبية، بقيادة جبهة التحرير
الوطني وبفضل ما بذله خيرة أبناء الجزائر من تضحيات، بالاستقلال، أقدم الشعب الجزائري على تشييد دولة عصرية
كاملة السيادة"، بدلا من " وقد توّجت جبهة التّحرير الوطنيّ ما بذله خيرة أبناء
الجزائر من تضحيات في الحرب التّحريريّة الشّعبية بالاستقلال، وشيّدت دولة عصريّة
كاملة السيّادة".
[15] -أكد رئيس الجمهورية في رسالته بمناسبة أحداث 08 ماي
1945 على أن "بناء الدولة القوية،
العادلة القائمة على الحرية، على مكارم الأخلاق، وعلى المؤسسات الملتزمة بواجباتها
وحدود صلاحياتها، وعلى احترام حرية المواطن، وتيسير حياته وتأمين رقيه وازدهاره،
في كنف التوزان بين الحقوق والواجبات، لا يتحقق إلا بتضافر جهود الجميع واتحادها،
في جو هادئ متحد بعيد عن مناخ الشحناء والتنافر".
[16] -تم اقتراح إعادة صياغة
المقطع العاشر من ديباجة دستور 1996 على النحو التالي:"إن الدّستور فوق الجميع،
وهو القانون الأساسيّ الذي يضمن الحقوق والحرّيّات الفرديّة والجماعيّة، ويحمي
مبدأ حريّة اختيار الشّعب، ويضفي الشّرعية على ممارسة السّلطات، ويكرّس
التّداول الدّيمقراطي، ويكفل الحماية القانونية، ورقابة عمل السلطات
العمومية في مجتمعٍ تسوده الشّرعية، ويتحقـّق فيه تفـتّح الإنسان بكلّ
أبعاده".
[17]-وذلك باقتراح إضافة مقطع جديد إلى ديباجة
الدستور، يدرج قبل المقطع الأخير منها، يحرر كما يأتي:"أن الشعب الجزائري
يتبنى لنفسه مبادئ سياسة السلم والمصالحة الوطنية، ويظل مقتنعا بأن احترام هذه
المبادئ يساهم في الدفاع عن القيم المشتركة، ويعد السبيل التوافقي الذي يحمي مصالح
المجموعة الوطنية.وتعد قيم السلم والمصالحة الوطنية من ثوابت الأمة، التي ينبغي
لها أن تبذل كل ما في وسعها من اجل الدفاع عتها في ظل احترام الجمهورية ودولة
القانون".
[18] -أنظر الميثاق من أجل
السلم والمصالحة الوطنيّة المصادق عليه في استفتاء يوم 29 سبتمبر سنة 2005، و
الأمر رقم 06-01 المؤرّخ في 27 فبراير 2006، المتضمّـن تنفـيذ ميثـاق السلم و المصالحة
الوطنيّـة.
[19]
-جاء في المقطع المقترح إضافته لديباجة الدستور أن"قيم السلم والمصالحة
الوطنية من ثوابت الأمة، التي ينبغي لها أن تبذل كل ما في وسعها من اجل الدفاع
عتها في ظل احترام الجمهورية ودولة القانون. «
[20] -أنظر القانون رقم 06-01
المؤرخ في 20 فبراير 2006 والمتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.
[23]-تنص المادة 120 من دستور
1996 على أنه"في حالة حدوث خلاف بين
الغرفتين، تجتمع، بطلب من الوزير الأوّل، لجنة متساوية الأعضاء تتكون من أعضاء
كلتا الغرفتين من أجل اقتراح نص يتعلق بالأحكام محلّ الخلاف".
[24]-أنظر المادتين 25 و 26
من مشروع التعديل الدستوري المقترح.
[25]-تنص المادة 25 من التعديل
الدستوري المقترح على إضافة مادة 99 مكرر تحرر كالأتي:"يخصص المجلس الشعبي
الوطني جلسة، في كل دورة، لمراقبة عمل الحكومة بحضور الوزير الأول وجوبا. يحدد
قانون عضوي تطبيق هذه المادة."
-cf, Ahmed
Mahiou, la saisine du conseil constitutionnel par les parlementaires l’expérience
française, revue du conseil
constitutionnel, N° 02, 2003, pp. 63-77.
[26]-أنظر عمار عباس، دور المجلس الدستوري الجزائري في ضمان مبدأ سمو
الدستور، مجلة المجلس الدستوري الجزائري، العدد 01 ، 2013.
[28]-كانت المادة 167 من دستور
1996 تنص على أنه"يتداول المجلس الدّستوري في جلسة مغلقة، ويعطي رأيه أو يصدر
قراره في ظرف العشرين (20) يوما الموالية لتاريخ الإخطار".
[29] -نصت المادة 11 من دستور
1963 على أنه"توافق الجمهورية على الاعلان العالمي لحقوق الانسان و تنضم الى
كل منظمة دولية تستجيب لمطامح الشعب الجزائري و ذلك اقتناعا منها بضرورة التعاون
الدولي".
[30] -انضمت الجزائر إلى هذه
الاتفاقية بتحفظ، بمقتضى المرسوم الرئاسي رقم 96-51 المؤرخ في 22يناير 1996.
[31]-أنظر في هذا الصدد عمار
عباس ونصر الدين بن طيفور،توسيع حظوظ مشاركة المرأة الجزائرية في المجالس
المنتخبة، أو تحقيق المساواة عن طريق التمييز الايجابي، مجلة الأكاديمية للدراسات
الاجتماعية والانسانية"، العدد 10 2013.ص 86-95.
[32] -أنظر رجب محمود طاجن،
الإطار الدستوري للحق في البيئة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة،
2008، ص 56 وما بعدها.
[36]-نصت المادة 10 من مشروع
التعديل الدستوري المقترح على أنه"تعدل المادة 42 من الدستور، وتحرر
كالأتي:....في فقرته الأخيرة تحدد التزامات وواجبات أخرى بموجب قانون عضوي."
[38] -يقوم النظام الرئاسي على
أحادية السلطة التنفيذية وعلى الفصل المطلق بين السلطات، وبذلك فهو لا يعرف وجود
التأثير المتبادل بين السلطات المتمثل في المسؤولية السياسية للحكومة في مقابل
امتلاكها لحق حل البرلمان.
[39] -أنظر عمار عباس، مقومات النظام السياسي المنشود ومبرراته"،
المجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية، عدد 1 ، 2012.
[40]-ظهرت مؤسسة الحكومة في
النظام السياسي الجزائري قبل مؤسسة رئاسة الجمهورية، من خلال هيئة التنفيذ
والتنسيق التي تمخضت عن مؤتمر الصومام والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية التي
تم إنشائها بالقاهرة في سبتمبر 1958، بينما لم تبرز مؤسسة رئاسة الجمهورية إلا من
خلال أحكام دستور 1963.
[41] -Cf.,
Loi
constitutionnelle n° 2000-964 du 2 octobre 2000 ; Loi constitutionnelle n° 2008-724 du 23 juillet 2008 de
modernisation des institutions de la Ve République.
[42]-أكبر دليل على ذلك تهاوي
الأحزاب التي كانت تساند الرؤساء في دول الربيع العربي، على غرار الحزب الوطني
الديمقراطي في مصر والتجمع الدستوري في تونس.
[44]-تنص المادة 84 من دستور 1996 على أنه"تقدّم الحكومة سنويا إلى المجلس الشعبي الوطني
بيانا عن السياسة العامة ".
[45]-أنظر عمار عباس، إجراءات
ملتمس الرقابة في الجزائر، مجلة أبحاث روسيكادا، جامعة سكيكدة، العدد 03 2005.
[46]-أنظر عمار عباس، التصويت
بالثقة في النظام الدستوري الجزائري بين الممارسة والتطبيق، مجلة القانون، العدد
الأول، 2009.
[47]-أنظر عمار عباس، الرقابة
البرلمانية على عمل الحكومة في النظام الدستوري الجزائري، دار الخلدونية، الجزائر
2007.
[48]-أنظر عمار عباس، دور الأسئلة البرلمانية في الرقابة على عمل
الحكومة، المجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية، عدد 21، 2009، ص 154 وما
بعدها.
[49]-أنظر بوزيد لزهاري، اللجنة
المتساوية الأعضاء في النظام الدستوري الجزائري، مجلة الفكر البرلماني، العدد
الأول، ديسمبر 2002؛ العيد عاشوري، إجراءات ومراحل إعداد النص التشريعي وإقراره في
البرلمان الجزائري، مجلة الفكر البرلماني، العدد الثالث، جوان 2003.
[50]-كقاعدة عامة يتولى رئاسة
البرلمان رئيس مجلس الأمة، أما في حالة توليه لرئاسة الدولة عند مرض رئيس
الجمهورية أو وفاته أو استقالته فتؤول الرئاسة لرئيس المجلس الشعبي الوطني.
[51]-حول القوانين العضوية أو
التنظيمية أنظر زهير المظفر، المدخل إلى القانون الدستوري، المدرسة الوطنية
للإدارة، مركز البحوث والدراسات الإدارية، تونس، 1994، ص 28.
[52]-أثبتت الممارسة السياسية
في الجزائر تعيين رئيس الجمهورية لرؤساء حكومة من الاغلبية ومن خارجها وحتى من غير
المنتميين سياسيا، إلا أنهم نالوا ثقة البرلمان.
[53]-نذكر هنا على سبيل المثال
الصعوبات التي واجهتها حكومتي حزب الحرية والعدالة في مصر والنهضة في تونس الأمر
الذي دفع إلى بروز موجة من الاحتجاجات
ضدهما انتهت
[55]-أنظر رسالتنا لنيل شهادة
الماجستير والمعنونة"العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية في
دستور 1989"، كلية الحقوق، جامعة السانيا، وهران، 1995؛ وكتابنا العلاقة بين
السلطات في الانظمة السياسية المعاصرة وفي النظام السياسي الجزائري، درار
الخلدونية 2010.
[56] - كانت المادة 51 من دستور
1963 تنص على أنه"إذا لم يصدر رئيس الجمهورية القوانين في الأجال المنصوص
عليها فإن رئيس المجلس الوطني يتول إصدارها".
[58]-تنص المادة 98 من دستور 1996 على أنه" يمارس السّلطة التشريعية
برلمان يتكّون من غرفتين، وهما المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة. وله السيّادة في
إعداد القانون والتصويت عليه".
[59]-أكد المجلس الدستوري في
رأيه رقم 01-08، بخصوص تعديل الفقرة الثانية المادة 74 ان ذلك"يعزز السير
العادي للنظام الديمقراطي الذي يقتضي بأن حائز عهدة رئاسية ملزم بأن يعيدها عند
انقضائها، إلى الشعب الذي يملك دون سواه سلطة التقدير بكل سيادة كيفية تأدية هذه
العهدة، ويقرر بكل حرية، تجديد الثقة في رئيس الجمهورية أو سحبها منه".
[60]-أنظر قرار المجلس الدستوري الجزائري رقم 02 المؤرخ في 23
فبرايرسنة 2000 والمتضمن إلغاء الأمــــر رقم 97-15 المؤرخ في 31 مايو سنة 1997 المحدد للقانون الأساسي الخاص لمحافظة
الجزائر، وذلك بسبب مخالفته للمادة 15 من دستور 1996.
[61]-تنص المادة 63 من دستور
فرنسا لسنة 1958 على أنه "يحدد قانون عضوي قواعد تنظيم المجلس الدستوري
وعمله، والإجراء المتبع امامه، ولا سيما منها الآجال المفتوح لإخطاره
بالمنازعات".
[64] -أكد السيد موسى تواتي
الأمكين العام للجبهة الوطنية الجزائرية أن"
شروط الترشح تختلف من ولاية إلى أخرى، فمثلا الذي يريد أن يترشح في ولاية أدرار،
عليه أن يقدم للحزب، وليس لموسى تواتي، 100 مليون سنتيم، والشلف 300 مليون سنتيم، والعاصمة 500 مليون. أنا هنا
لا أتحدث عن رأس القائمة، وإنما عن أعضائها... من يضمن مقعدا في البرلمان، سيتقاضى
30 مليونا شهريا، ومن يطمح إلى ذلك، يتعين عليه التضحية. نحن لم نطلب الكثير، ما طلبناه لا يتعدى
تغطية تكاليف الحملة الانتخابية، ولو كنا نجري وراء الأموال، كما يعتقد البعض،
لقبلنا أصحاب الملايير، فهناك من عرض علينا الترشح مقابل مليارين، لكننا رفضنا
وفضلنا أبناء الحزب حتى وإن كانت إمكانياتهم محدودة"، يومية الشروق 13 مارس
2012.
[65]-يتم المزج في مصر بين نظام
القوائم والنظام الفردي، حيث يخصص ثلثي المقاعد للقوائم والثلث للانتخاب الفردي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق