الخميس، 18 فبراير 2021

محاضرات في المنازعات الدستورية/ المحور الأول

 

ملخص

محاضرات مقياس المنازعات الدستورية

موجهة لطلبة السنة أولى ماستر

تخصص قانون قضائي

إعداد: الدكتور عمار عباس

كلية الحقوق والعلوم السياسية

جامعة مصطفى اسطمبولي، معسكر


        تمهيد

        أدت الحركة الدستورية إلى  تراجع القانون لصالح سمو النص الدستوري ، غير انه كان لابد من إيجاد آلية لتجسيد هذا السمو، فكانت الرقابة على دستورية القوانين هي السبيل إلى ذلك،

        لقد اختلفت الانظمة الدستورية في تحديد الجهة التي يعهد لها بمهمة الرقابة على دستورية القوانين، فمنها من منحه للسلطة التشريعية نفسها، حفاظا على سيادة البرلمان، ومنها من أنشأ له هيئة مستقلة ذات طابع سياسي، كما هو الحال في فرنسا من خلال المجلس الدستوري الفرنسي، ومنها من اعتبر هذه المهمة اختصاصا قضائيا، فخولها إما لجميع الجهات القضائية، أو أنشأ لها جهة قضائية عليا مختصة بالفصل في المنازعات الدستورية، في شكل محاكم دستورية عليا.

        فما هي المكانة التي يحتلها القضاء الدستوري في التجربة الدستورية الجزائرية؟ وما هي المراحل التي مر بها منذ الاستقلال إلى اليوم؟، وما هي الإجراءات المتبعة للفصل في المنازعات الدستورية؟

        كل هذه النقاط سنتناولها في دراستنا للمنازعات الدستورية ضمن المحاور التالية:

        برنامج مقياس المنازعات الدستورية

        تمهيد

        المحور الأول: الحركة الدستورية وسمو الدستور

        1. الحركة الدستورية

        2. القضاء الدستوري حامي الدستور

        3. أنواع الرقابة على دستورية القوانين

        المحور الثاني: نماذج القضاء الدستوري

        1.النموذج الأمريكي

        2.النموذج الأوربي

        3.االتجربة الفرنسية في مجال القضاء الدستوري

        المحور الثالث: القضاء الدستوري في الجزائر

        1.تطور القضاء الدستوري ومهامه في الجزائر

        2.إجراءات المنازعة الدستورية في إطار الرقابة الدستورية

        3.إجراءات المنازعة الدستورية في إطار الدفع بعدم الدستورية

        قائمة المراجع

 

        المحور الأول:الحركة الدستورية وسمو الدستور

 

        1. الحركة الدستورية

        2. القضاء الدستوري حامي الدستور

        3. أنواع الرقابة على دستورية القوانين

 

        1.الحركة الدستورية

        ظهرت البوادر الأولى للحركة الدستورية في نهاية القرن الثامن عشر في أمريكا الشمالية، استهدفت استبدال القواعد الدستورية العرفية بنصوص مكتوبة محتواة في وثيقة رسمية تعرف بالدستور، للحد من تسلط الحكام وحماية الحقوق والحريات؛

        لا يكفي أن يكون للدولة دستور، بل يجب أن يتضمن آليات فعالة لحماية الحقوق والحريات الأساسية وإقامة فصل بين السلطات، كما أكدت على ذلك المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789.

        كانت حركة الدسترة ترمي إلى إقامة ما أسماه مونتسكيو في كتابه ”روح القوانين“ L’esprit des lois  سنة 1748، بالحكومة المقيدة أو دولة القانون أو الدولة الدستورية؛

 

        أهم المبادئ التي قامت  عليها الحركة الدستورية

        تزود الدولة بدستور مكتوب؛

        وجود  فصل بين السلطات الثلاث.

        ضمان الحقوق والحريات.

        لقد أصبح الدستور مظهرا من مظاهر دولة القانون التي يكون فيها كل من الحكام والمحكومين وجميع السلطات في الدولة خاضعين للقانون، سواء كان عبارة عن تشريع عادي تضعه السلطة التشريعية أو تشريع أساسي تختص بوضعه السلطة التأسيسية.

 

        أهم موجات الحركة الدستورية

        عرفت الحركة الدستورية عدة موجات منذ ظهورها في نهاية القرن 18:

        1.في نهاية القرن الثامن عشر لجأت بعض المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية، إلى كتابة دساتيرها تلاها وضع الدستور الاتحادي للولايات المتحدة الأمريكية سنة 1787، فانتشرت بعدها ظاهرة تدوين الدساتير في العالم؛

        2.بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية توجهت كثير من الدول الأوربية إلى تأسيس قضاء دستوري لحماية وضمان سمو دساتيرها وكفالة حقوق وحريات المواطنين؛

        3. بعد حركة التحرر الوطني في آسيا نهاية الأربعينيات وإفريقيا انطلاقا من الستينات، كانت الدساتير اللبنة الأولى التي وضعتها الدول المستقلة؛

        4. بعد انهيار المعسكر الاشتراكي مطلع التسعينات من القرن العشرين، لجأت دوله إلى وضع دساتير جديدة تبنت بموجبها المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان؛

        5. منذ 2011 تشهد الكثير من الدول العربية تحولات سياسية تجسدت معظمها بوضع دساتير جديدة(مصر، تونس، المغرب، الجزائر).

 

        التمركز حول القانون باعتباره المعبر عن الإرادة العامة

        كان القانون الذي يصوت عليه البرلمان يعتبر مقدسا، لأنه تعبير عن الإرادة العامة، لمشاركة المواطنين في إعداده، إما بأنفسهم أو من خلال ممثليهم المنتخبين؛

        وهو ما أكدت عليه المادة 6 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789:

        ”La Loi est l'expression de la volonté générale. Tous les Citoyens ont droit de concourir personnellement, ou par leurs Représentants, à sa formation. Elle doit être la même pour tous, soit qu'elle protège, soit qu'elle punisse. Tous les Citoyens étant égaux à ses yeux sont également admissibles à toutes dignités, places et emplois publics, selon leur capacité, et sans autre distinction que celle de leurs vertus et de leurs talents”. 

        لقد كان مبدأ تقديس القانون sacralisation de la loi  والتمركز حوله légicentrisme  ، هو  الاتجاه الغالب في فرنسا منذ ثورة 1789حتى ظهور الجمهورية الخامسة سنة 1958، وهو نفس  الوضع الذي كان سائدا في أوربا إلى غاية نهاية الحرب العالمية الثانية التي تلتها موجة جديدة من حركة الدسترة، خشية من التمركز حول القانون وتقديسه  وما  قد يترتب عليه من  شمولية.

 

        تراجع مكانة القانون لصالح الدستور

        مع تطور حركة الدسترة التي عرفها العالم منذ نهاية القرن الثامن عشر، أصبح القانون معبرا عن الإرادة العامة لكن فقط في حدود احترام الدستور، باعتبار هذا الأخير هو المعبر عن العقد الاجتماعي الأساسي في دولة القانون التي يسمو فيها الدستور على باقي القواعد القانونية،  فتم الانتقال بذلك من الدولة القانونية l’Etat légale  التي يعلو فيها القانون، إلى الدولة الدستورية l’Etat constitutionnel  التي يسمو فيها الدستور؛

        وهو ما أكده المجلس الدستوري في قرار له سنة 1985:

        «... la loi votée, qui n’exprime la volonté générale que dans le respect de la Constitution », Décision n° 85-197 DC du 23 août 1985, Loi sur l’évolution de la Nouvelle- Calédonie, Rec. 70.

        وبذلك لم يعد القانون في فرنسا محصنا لاعتباره معبر عن الإرادة العامة، بل أصبح خاضعا للدستور، ومراقبا من قبل القاضي الدستوري،  الذي أصبح من الفاعلين المؤثرين في النظم الديمقراطية.

        دور القاضي الدستوري هو التأكد من مدى مطابقة النصوص القانونية لإرادة الشعب السيد المعبر عنها في الدستور.

        لم يعد أعضاء البرلمان مقابلين للشعب مالك السيادة، بل ممثلين عنه، لأنهم منتخبين من قبله،

        في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ قرار المحكمة العليا في قضية ماربوري ضد ماديسون Marbury vs Madisson  سنة 1803، أصبح الدستور هو القانون الأسمى في الدولة.

 

        انتقال الدستور من الجامعات إلى المحاكم

        يرى الفقيه الفرنسي دومينيك روسو D. Rousseau بأن الدستور الذي كان نصا مهملا، كان سنوات الثمانينات والتسعينات، موضوعا لدراسات، ورسائل جامعية وملتقيات، وأصبح اليوم وسيلة في يد المتقاضي للدفاع عن حقوقه في مواجهة القانون، وبذلك خرج القانون من الجامعة ليدخل المحاكم.

       D. Rousseau: « Pendant longtemps, la Constitution fut un texte négligé ; dans les années 1980 et plus encore 1990, elle était devenue un objet d’études, de thèses, de colloques ; aujourd’hui, la Constitution devient un moyen pour le justiciable de défendre ses droits contre la loi ».

 

        2.القضاء الدستوري حامي الديمقراطية الدستورية

        في غياب تعريف جامع، يمكن تعريف الديمقراطية الدستورية"démocratie constitutionnelle"  أو الديمقراطية عن طريق الدستور "démocratie par la Constitution”، بأنها:

         ذلك النظام السياسي الديمقراطي القائم على احترام الدستور في مفهومه الشكلي، المتربع على قمة تدرج القواعد القانونية؛ وهو ما يعرف بالدستورانية (constitutionnalisme

        في هذا النظام السياسي، تكون الديمقراطية، حريات المواطنين،  واحترام الدستور، مضمونة  من خلال إقامة قضاء دستوري،  يكون على رأس النظام القضائي.

        غير أن هذا التوسع لدور القاضي الدستوري يحمل في طياته مخاطر عديدة،  فقد رأى بعض المؤلفين بأن الديمقراطية الدستورية فيها عودة لشكل من اللاهوت-السياسي، أين يلعب القاضي الدستوري دور كبير الكهنة؛

      « le retour d'une forme de théologico-politique où le juge constitutionnel jouerait le rôle du grand prêtre de la religion  que serait le droit », Stéphane Rials, ("Entre artificialisme et idolâtrie. Sur l'hésitation du constitutionnalisme", Le Débat, 64, 1991).

        كما رأى آخرون بأن هذا التحول الذي يعرفه النظام الديمقراطي، قد ينزع السلطة من المواطنين ويسلمها  للقضاة؛

     « dans cette transformation de la démocratie le risque d'une dépossession du pouvoir des citoyens au profit de celui des juges. », Bastien François, "Justice constitutionnelle et démocratie constitutionnelle : Critique dudiscours constitutionnaliste contemporain", Droit et Politique, PUF, 1993.

 

        تعريف القضاء الدستوري

        يقصد بالقضاء الدستوري ذلك القسم من القانون العام الذي يشمل المؤسسات والإجراءات التي تستهدف ضمان احترام الدستور وسموه على كل القواعد القانونية، وهو أحد مظاهر دولة القانون؛

        تتباين نماذج القضاء الدستوري من دولة لأخرى، فقد يعهد به إلى هيئة مختصة، كالمحاكم الدستورية الموجودة في كثير من الدول الأوربية والعربية، أو المجلس الدستوري الذي أخذت به فرنسا واستلهمته مستعمراتها السابقة، أو إلى المحاكم العادية التي بإمكانها استبعاد تطبيق  قانون مخالف للدستور، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، أين يتطلب الأمر وجود تدرج للهيئات القضائية على رأسها محكمة عليا تتمتع اجتهاداتها بقوة في مواجهة باقي المحاكم الأدنى منها درجة.

        يستهدف القضاء الدستوري ضمان سمو الدستور على باقي القواعد القانونية، عبر إجراءات قضائية.

 

        مهام القضاء الدستوري

        توحيد النظام القانوني،

        حماية الحقوق الأساسية،

        التحكيم بين السلطات العمومية الدستورية،

        الفصل في نزاع الاختصاص بين الدولة المركزية  والوحدات المشكلة لها،

        الفصل في المنازعات المتعلقة بمخالفة الدستور.

 

        مدى شرعية القضاء الدستوري

        إقامة قضاء دستوري يطرح التساؤل حول التوفيق بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الدستورية: لوجود برلمان منتخب في مواجهة قضاة دستوريين معينين،

        مما يطرح مشكلة التوفيق بين مهام القضاء الدستوري واحترام الديمقراطية ومبدأ الفصل بين السلطات؟

        فالقاضي الدستوري حتى يضمن علوية الدستور، يقوم بمراقبة مدى مطابقة  الأعمال الأخرى له، بما فيها القانون؛

         لكن القانون هو تعبير عن الإرادة العامة للشعب مالك السيادة، والتي ستكون محل مراقبة من قبل هيئة معينة غير منتخبة، بإمكانها تعديل أو حتى إلغاء القانون مستندة على مبدأ سمو الدستور، وهو ما عزز الخوف من بروز ما أصبح يعرف بحكومة القضاة.

 

        القضاء الدستوري والخشية من حكومة القضاة

        ”حكومة القضاة“  gouvernement des juges هاجس قديم برز منذ الثورة الفرنسية، ويقصد به تدخل القضاة في صناعة القانون،  بينما يقتصر دورهم على قول القانون.

        استخدمت هذه العبارة لأول مرة من قبل رجل القانون الفرنسي إدوارد لومبارت (7Lambert (1866-194   Edouard في كتابه:

  "Le Gouvernement des juges et la lutte contre la législation  sociale aux États-Unis" .

        تطرق فيه إلى الصراع الذي وقع بين الرئيس الأمريكي  فرونكلين روزفلت  Franklin D Roosevelt (1882-1945)، وقضاة المحكمة العليا للولايات المتحدة الأمريكية، عندما أراد القيام بإصلاحات اقتصادية لمواجهة الأزمة الاقتصادية لسنة 1929.

        رأى إدوارد لومبارت بأن مكانة  قضاة المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية، مخالفة لمبدأ الفصل بين السلطات.

 

        عودة حكومة القضاة الدستوريين والخشية من تحولها إلى سلطة فوق ديمقراطية

        برزت الخشية من”حكومة القضاة“من جديد مع انتشار وترقية مكانة المحاكم الدستورية وجهات قضائية عليا أخرى، مما ولد التخوف من تحول القضاة الدستوريين إلى سلطة فوق ديمقراطية.

        غالبا ما تستعمل عبارة ”حكومة القضاة“ للاحتجاج على انحراف القضاة، خاصة قضاة المجلس الدستوري في فرنسا والمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، نتيجة استخدامهم المفرط لسلطتهم في تفسير النصوص القانونية، ولأهداف سياسية،  الأمر الذي يسمح لهم بصناعة القانون في مكان السلطات المنتخبة ديمقراطيا أو حتى مكان الشعب نفسه، فتحولوا في نفس الوقت إلى سلطة تأسيسية وتشريعية موازية؛

        جدد إدراج المسألة الدستورية الأولية في فرنسا la question prioritaire de constitutionnalité  بموجب التعديل الدستوري سنة 2008 الذي مكن المتقاضين من الدفع بعدم دستورية أحكام تشريعية صادرة يرون أنها تنتهك حقوقهم الدستورية، الخشية من بروز ”حكومة قضاة“، خاصة عندما يكون التصريح بعدم دستورية حكم تشريعي فيه بعض التجاوزات.

       
3.الأنواع المختلفة للرقابة الدستورية

        تأخذ الرقابة على دستورية القوانين، عدة أشكال:

        رقابة عن طريق الدعوى الأصلية: contrôle par voie d’action

        رقابة عن طريق الدفع:     contrôle par  voie d’exception

        رقابة مجردة:            contrôle abstrait   

        رقابة حقيقية:            contrôle concret

        رقابة قبلية:            contrôle a priori    

        رقابة لاحقة:     contrôle a posteriori

        رقابة مركزية :      contrôle concentré

        رقابة لامركزية:          contrôle diffus

 

        الرقابة عن طريق الدعوى الأصلية

        في هذا النوع من الرقابة يطعن في القاعدة القانونية لمخالفتها للدستور، فنكون هنا أمام قاعدة قانونية في مواجهة قاعدة أخرى، وتكون الدعوى مستقلة وغير مرتبطة بوجود نزاع حقيقي،

         مثالها إخطار المجلس الدستوري من قبل السلطات المخولة، قبل إصدار القانون،

        هي رقابة مجردة، لأننا لا نكون بصدد قضية ما، أو نزاع أو دعوى،

         هذه الرقابة يمكن أن تنصب كذلك على النصوص التنظيمية كما هو الحال في ألمانيا، النمسا واسبانيا، والجزائر،

        يمكن أن تكون قبل أو بعد صدور القانون، غالبا ما تخول صلاحية تحريك القضاء الدستوري للسلطات السياسية في الدولة.

 

        الرقابة عن طريق الدفع

        هذه الرقابة تمارس بمناسبة دعوى أمام قاض عادي عندما يدفع أمامه أحد أطراف الدعوى بعدم دستورية حكم تشريعي سيطبق عليه، فعلى قاضي الموضوع الفصل في هذا الدفع قبل الفصل في الدعوى الأصلية،

        هناك نوعين لهذه الرقابة: إما أن يفصل فيها القاضي الذي ينظر في الدعوى الأصلية (النموذج الأمريكي)، وإما من قبل قاضي مختص يخطر من قبل القاضي المختص بالدعوى الأصلية(النموذج الأوربي).

 

        رقابة لامركزية ورقابة مركزية

        رقابة لا مركزية: حيث تمارس الرقابة الدستورية من قبل كل القضاة سواء كانوا فدراليين أو على مستوى الولايات، فالقاضي الذي يتم إخطاره أولا يكون مختصا بجميع المسائل المطروحة عليه، بما فيها الدستورية، تلعب المحكمة العليا في هذا الإطار دورا خاصا بالنظر لمكانتها في قمة هرم  التنظيم القضائي.

        رقابة مركزية: يكون الفصل في الدعوى الدستورية محتكرا من قبل جهة قضائية واحدة غالبا ما تتواجد خارج الجهاز القضائي العادي.

 

        رقابة مجردة ورقابة حقيقية

        الرقابة المجردة: تتقاطع مع الدعوى الأصلية؛

        في هذه الحالة النزاعات لا تكون في شكل مواجهة بين طرفين، ولكن مواجهة بين قاعدتين قانونيتين عامتين  إحداهما دستورية و الأخرى تشريعية،  يقوم القاضي بمناسبتها بالفصل في القانون وفي النزاع، لكن يمكن ان تكون هناك بالموازاة رقابة حقيقية  في حالة انتهاك الحقوق الاساسية.

        الرقابة الحقيقية: تتقاطع مع الرقابة عن طريق الدفع؛

        تمارس الرقابة بمناسبة وجود نزاع حقيقي، حيث يقوم أحد أطراف الدعوى بإثارة وجود خرق للدستور،

        في المسألة الدستورية ذات الأولوية في فرنسا، نكون في البداية أمام رقابة حقيقية لأنها تظهر بمناسبة فعل محدد.

 

        الرقابة القبلية والرقابة اللاحقة  

        الرقابة القبلية: هي التي تتم قبل إصدار القانون، ويكون حق إخطار القضاء الدستوري في هذه الحالة محصورا في السلطات السياسية العليا في البلاد، حفاظا على الامن القانوني،

        يترتب عليها تنقية النظام القانوني من خطر ولوج قواعد غير دستورية، تضمن أن تكون القاعدة التي تصل إلى النظام القانوني نقية، وهي رقابة يترتب عليها إلزام الكافة، ومضبوطة بآجال دقيقة، حيث على القاضي الدستوري الفصل في آجال قصيرة(في فرنسا خلا شهر، و 8 أيام في حالة الاستعجال)؛

        الرقابة اللاحقة: هي رقابة  تباشر بعد إصدار القانون، عيبها الأساسي أنها تهدد الأمن القانوني، حيث يمكن أن يصرح بعدم دستورية القانون بعد سنوات من دخوله حيز النفاذ، الأمر الذي من شأنه المساس بالحقوق المكتسبة واستقرار التشريع، لذلك في المسألة الدستورية الاولية في فرنسا يمتلك المجلس الدستوري سلطة تحديد التاريخ الذي يدخل فيه قراره حيز النفاذ.

 

        مدى قوة قرارات القضاء الدستوري

        قرار ذو حجية مطلقة:         Une décision erga omnès

        يترتب عليه استبعاد القاعدة القانونية الغير مطابقة للدستور نهائيا من النظام القانوني وتنقيته منها، حيث تعتبر وكأنها لم تكن موجودة.

        قرار ذو حجية نسبية: Une décision inter parts

        تكون للقرار حجية نسبية في مواجهة أطراف القضية موضوع النزاع فقط، ولو أنه في الأنظمة التي تطبق قاعدة السوابق القضائية، يكون القاضي مرتبطا بالقرارات القضائية السابقة الصادرة في قضايا مماثلة خاصة عندما تكون صادرة من المحكمة العليا.

        المراجع المعتمدة في هذه المحاضرات

        أولا: الكتب

        أحمد سرحال، القانون الدستوري والنظم السياسية، الإطار المصادر، الطبعة الأولى، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2002.

        رشيدة العام، المجلس الدستوري الجزائري، دار الفجر للنشر والتوزيع، 2006،

        زهير المظفر، المدخل إلى القانون الدستوري، المدرسة القومية للإدارة، مركز البحوث والدراسات الإدارية، تونس، 1994.

        -سليمة مسراتي، نظام الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر على ضوء دستور 1996 واجتهادات المجلس الدستوري الجزائري، 1989-2010، دار هومة، الجزائر، 2012.

        سهيل محمد العزام، أنواع الرقابة على دستورية القوانين، دار عمار للنشر والتوزيع، عمان 2003،

        عبد الحميد متولي، القانون الدستوري والأنظمة السياسية، مع المقارنة بالمبادئ الدستورية في الشريعة الإسلامية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1999.

        عبد القادر شربال، قرارات وآراء المجلس الدستوري الجزائري في تأويل أحكام الدستور الجزائري، دار هومة، الجزائر، 2013.

        عزيزة يوسف، دراسة في الرقابة على دستورية التشريع، مطبعة الفيصل، الكويت 1995؛

        علي الباز، الرقابة على دستورية القوانين في مصر والأنظمة الدستورية  العربية والأجنبية، دراسة مقارنة، مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية، الإسكندرية، 2001.

        لمين شريط، الوجيز في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية المقارنة، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية، 2002.

        محمد أتركين، دعوى الدفع بعدم الدستورية في التجربة الفرنسية، الإطار القانوني والممارسة القضائية، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2013.

        المختار مطيع ، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، الطبعة الأولى، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، 2002.

        منير عبد المجيد ، أصول الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، منشأة المعارف، الٍكندرية، 2001.

        هنري روسيون، المجلس الدستوري، ترجمة محمد وطفه، الطبعة الأولى، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2001.

        يحي الجمل، القضاء الدستوري في مصر، دار النهضة العربية، 2008.

 

        ثانيا: لمقالات بالغة العربية:

        بن عبد المالك بشير، مساهمة المجلس الدستوري في حماية مبدأ المساواة أمام القانون في الجزائر، إدارة، رقم 21، 2002.

        طه طيار، المجلس الدستوري الجزائري، تقديم وحوصلة لتجربة قصيرة، إدارة، رقم 02، 1996 ص 41-44.

        -عباس عمار ، انفتاح القضاء الدستوري على المتقاضين ودوره في تنقية النظام القانوني من القوانين الماسة بالحقوق والحريات في الدساتير المغاربية، الجزائر تونس والمغرب أنموذجا"؛ مجلة المجلس الدستوري الجزائري، (عدد 7 لسنة 2017).

        -عباس عمار ، تطور الرقابة الدستورية في الجزائر والعوائق التي تحول دون فعاليتها، مجلة الحقيقة، 2004، جامعة أحمد دراية، أدرار، الجزائر،( عدد 04 لسنة  ).

        -عباس عمار ، دور المجلس الدستوري الجزائري في ضمان مبدأ سمو الدستور، مجلة المجلس الدستوري الجزائري، (العدد 01 ، 2013).

        عباس عمار ، انفتاح القضاء الدستوري على المتقاضين ودوره في تنقية النظام القانوني من القوانين الماسة بالحقوق والحريات في الدساتير المغاربية، الجزائر تونس والمغرب أنموذجا"؛ مجلة المجلس الدستوري الجزائري، (عدد 7 لسنة 2017).

        عبد المجيد جبار، الرقابة الدستورية للقوانين العضوية ورأيا المجلس الدستوري المتعلقان بقانوني الأحزاب السياسية والانتخابات، إدارة، عدد 2، 2000.

        علي بوبترة، ضوابط الرقابة على دستورية القوانين في ظل ممارسات المجلس الدستوري الجزائري، مجلة الفكر البرلماني، رقم 4، 2004، ص 54-71؛

        محمد بجاوي، المجلس الدستوري، صلاحيات..إنجازات..وآفاق، مجلة الفكر البرلماني، رقم 05، 2004، ص 34-53؛

        محمد كحلولة، المراقبة الدستورية في الجزائر في إطار عمل المجلس الدستوري، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية  والاقتصادية  والسياسية، 1990.

        مسعود شيهوب، المجلس الدستوري: قاضي انتخابات، مجلة المجلس الدستوري، العدد الأول، 2013، ص ص 88-110.

        نوري مزرة جعفر، المجلس الدستوري الجزائري بين النظرية والتطبيق، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية الاقتصادية والسياسية، رقم 4، 1990، ص 960-941؛.

 

        مراجع باللغة الفرنسية

 

      Ahmed Mahiou, La saisine du Conseil constitutionnel par les parlementaires : l’expérience française ; Revue du Conseil constitutionnel, N°2-2013

      Bachir Yelles Chaouche, LA technique des reserves dans la jurisprudence du Conseil  Constitutionnel Algerien,  revue du conseil constitutionnel, N° 1, 2013, pp. 166-177.

      Drago Guillaume , « Le nouveau visage du contentieux constitutionnel » , Revue française de droit constitutionnel, 2010/4 n° 84.

      Jean-Louis Debré, la Question Prioritaire de Constitutionnalité, Revue du Conseil Constitutionnel, N°2-2013, pp. 55. 56.

      Laurent Habib, Bilan de la saisine parlementaire du Conseil constitutionnel de 1981à 1986, Pouvoirs N°13, 1991.

      Loic Philip, Bilan et effet de la saisine parlementaire. In : Revue française de sciences politique, 34e année, N° 4-5, 1984, p.990.

      Marc Verdussen, « La coexistence de la saisine parlementaire et des autres voies d’accès au juge constitutionnel en droit comparé », Les Nouveaux Cahiers du Conseil constitutionnel 2015/3 (N° 48).

      Roussillon Henry. La saisine du Conseil constitutionnel. Contribution à un débat. In: Revue internationale de droit comparé. Vol. 54 N°2, Avril-juin 2002.

       Walid  Laggoune, la conception du contrôle de la constitutionalité en Algérie, IDARA, N°3, 1990.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق