الثلاثاء، 16 فبراير 2021

ااجتهادات المجلس الدستوري الجزائري المتعلقة بالانتخابات الرئاسية

 

الانتخابات الرئاسية

على ضوء اجتهادات المجلس الدستوري الجزائري


الأستاذ الدكتور عباس عمار

أستاذ القانون الدستوري والنظم السياسية

كلية الحقوق والعلوم السياسية

جامعة مصطفى اسطمبولي، معسكر، الجزائر.

مقال منشور بمجلة المجلس الدستوري الجزائري، عدد 15، 2020

 

ملخص

تستعرض هذه الورقة اجتهادات المجلس الدستوري المرتبطة بالانتخابات الرئاسية سواء تلك التي تضمنتها قراراته وآراءه المختلفة عند رقابته لقوانين الانتخابات منذ تأسيسه سنة 1989، وبياناته وقراراته المرتبطة بكل الانتخابات الرئاسية انطلاقا من سنة 1995 إلى سنة 2019 تاريخ آخر انتخابات رئاسية، وما سبقها من تأجيل لموعدين انتخابيين للانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة  في 18 أفريل 2018 و4 جويلية 2019 .

فعلى الرغم من محاولة المشرع الإحاطة بجميع جوانب الانتخابات الرئاسية وتفاصيلها الدقيقة، إلا أن الغموض بقي يكتنف بعض جوانبها، فتدخل المجلس الدستوري لتجليته، عند مراقبته للقوانين المتعاقبة المتضمنة نظام الانتخابات، أو أثناء سير العملية الانتخابية لاختصاصه بالسهر على صحتها وإعلان نتائجها النهائية، والفصل في المنازعات المتعلقة بنتائج التصويت، والبت في حسابات الحملة الانتخابية.

إن أطراف العملية الانتخابية، مطالبة بالإطلاع على هذه الاجتهادات، لأنها مصدر من مصادر القانون عموما، والقانون الانتخابي خصوصا، خاصة وأن الدور التفسيري للقضاء الدستوري الجزائري سيزداد اتساعا، بعد استبدال  المجلس الدستوري بمحكمة دستورية في مشروع التعديل الدستوري، وتمكين الجهات المختصة بإخطارها لتفسير الدستور والفصل في النزاعات التي قد تطرأ بين السلطات الدستورية.

الكلمات المفتاحية: المجلس الدستوري الجزائري، قرار ، رأي، اجتهادات، الانتخابات الرئاسية، المنازعات الانتخابية.

 

مقدمة

تعد الانتخابات الرئاسية في الجزائر من أهم المحطات السياسية التي تشهدها البلاد كل خمس سنوات، يعود ذلك إلى طبيعة النظام السياسي الجزائري الذي تحتل فيه السلطة التنفيذية عموما ورئيس الجمهورية خصوصا مكانة مرموقة.

يستمد رئيس الجمهورية هذه المكانة، من انتخابه عن طريق الاقتراع العام المباشر والسري، وفوزه بالحصول على الأغلبية المطلقة لأصوات الناخبين المعبر عنها، وما يترتب على ذلك من تمتعه بصلاحيات واسعة، في مواجهة جميع السلطات، سواء في الظروف العادية أو الاستثنائية.

تمر الانتخابات الرئاسية في الجزائر، كغيرها من الاستشارات الانتخابية، بعدة مراحل، تبدأ باستدعاء هيئة الناخبين من قبل رئيس الجمهورية، فتنطلق بموجب ذلك عملية المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية، وشروع الراغبين في الترشح في جمع توقيعات الناخبين و/ أو المنتخبين المطلوبة في ملف الترشح، والتي تعتبر أحد أهم الشروط التي نص عليها القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات للترشح لرئاسة الجمهورية، يليها إيداع الترشيحات لدى السلطة الوطنية المستقلة  للانتخابات وإعلان المجلس الدستوري عن القائمة النهائية للمترشحين.

قبل خمسة وعشرين يوما من تاريخ الاقتراع تنطلق الحملة الانتخابية لشرح برامج المترشحين، والدعاية لهم، لإقناع أكبر عدد من الناخبين للتصويت لصالحهم، لأجل ذلك أحاطها المشرع بمجموعة من الضوابط تحقيقا لمبدأي  المساواة  والإنصاف بين المترشحين.

بعد مرحلة الصمت الانتخابي التي تدوم ثلاثة أيام، تحل المرحلة الحاسمة  التي تشمل أيام الاقتراع وفرز الأصوات، خول المشرع خلالها للمترشحين حقوقا عديدة قصد مراقبتها، على رأسها تواجد ممثليهم بمكاتب التصويت وبمختلف اللجان الانتخابية لمراقبة عمليات التصويت والفرز وإعلان النتائج وتسجيل احتجاجاتهم إن وجدت، مع تسلم نسخ من محاضر الفرز وتركيز النتائج.

بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات، يحق للمترشحين أومن يمثلهم، تقديم الطعون في صحة عملية التصويت أمام المجلس الدستوري، باعتباره المختص بالفصل فيها، وإعلان النتائج النهائية للاقتراع.

كل هذه المرحل نظمها المشرع بدقة في القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، وأحال على التنظيم تفصيل بعض جوانبها، إلا أن الغموض يبقى يكتنف بعض أحكام نظام الانتخابات، الأمر الذي يتصدى له المجلس الدستوري عند مراقبته للقوانين المنظمة للانتخابات، أو أثناء سير العملية الانتخابية لاختصاصه بالسهر على صحتها، من خلال قراراته وآراءه وبياناته المختلفة المرتبطة بالانتخابات.

إن أطراف العملية الانتخابية وعلى رأسهم السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، مطالبة بالإطلاع على اجتهادات المجلس الدستوري المتعلقة بالعملية الانتخابية، لأنها مصدر من مصادر القانون عموما والقانون الانتخابي خصوصا، كما أنها قد تواجه إشكالات قد يوجد حلها لدى المجلس الدستوري، باعتباره مشرعا ومؤسسا دستوريا مساعدا على رأي الأستاذ بشير يلس شاوش.

 لقد سبق للهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عند إشرافها على مراقبة الانتخابات التشريعية والمحلية سنة  2017 مواجهة مجموعة من الإشكاليات، على غرار عدم تحديد نوع المحكمة المختصة بالنظر في منازعات التسجيل والشطب في القوائم الانتخابية، ومدى إمكانية استفادة قوائم المترشحين من استكمال عدد التوقيعات المطلوبة عند ما يتبين عدم كفايتها عند إيداعها لدى الجهات المختصة، واكتنف الغموض اختصاصها من عدمه بمراقبة انتخابات التجديد النصفي لثلثي أعضاء مجلس الأمة المنتخبين.

لعل الدور التفسيري للقضاء الدستوري الجزائري سيزداد اتساعا بعد استبدال  المجلس الدستوري بمحكمة دستورية في مشروع التعديل الدستوري، وتمكين الجهات المختصة بإخطارها لتفسير الدستور والفصل في النزاعات التي قد تطرأ بين السلطات الدستورية.

سيكون أطراف العملية الانتخابية وعلى رأسهم السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في حاجة ماسة لذلك، فحتى وإن كانت لا تملك حق إخطار المحكمة الدستورية، فلا شيء يمنعها من تمرير إخطاراتها بشكل غير مباشر، عبر الجهات المخولة حق الإخطار.

علما أن قرارات المحكمة الدستورية وآراءها نهائية وملزمة لجميع السلطات العمومية والسلطات الإدارية والقضائية، كما أن القاضي سيصبح ملزما بتطبيق اجتهاداتها، كما لا يمكن إعادة النظر في قراراتها إلا في حالة تغير الظروف، ولعل من بين حالات تغير الظروف التعديلات الدستورية التي قد يتحول بمقتضاها ما كان مخالفا للدستور مطابقا له، على غرار اشتراط الجنسية الجزائرية الأصلية لزوج الرئيس كما سنرى لاحقا.

تدعيما لما سبق، سنستعرض في هذه الورقة اجتهادات المجلس الدستوري المتعلقة بالانتخابات الرئاسية، سواء تلك التي تضمنتها قراراته وآراءه المختلفة عند رقابته لقوانين الانتخابات منذ تأسيسه سنة 1989، وبياناته وقراراته المرتبطة بكل الانتخابات الرئاسية انطلاقا من سنة 1995 إلى سنة 2019 تاريخ آخر انتخابات رئاسية، وما سبقها من تأجيل لموعدين انتخابيين للانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة  في 18 أفريل 2018 و4 جويلية 2019 .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق