الأحد، 9 ديسمبر 2012

التعديلات الدستورية في الدول العربية على ضوء المتغيرات الدولية الراهنة/ ملتقى دول/ جامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف/ الجزائر.


الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
جامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف
كلية الحقوق والعلوم السياسية

بالإشراف العلمي
 لمخبر إصلاح السياسات العربية
في ظل تحديات العولمة
        تنظم الملتقى الدولي الأول 
 التعديلات الدستورية في الدول
 العربية على ضوء المتغيرات الدولية الراهنة :حالة الجزائر

يومي: 18 و 19 ديسمبر 2012
تحت رعاية السيد مدير الجامعة:
الأستاذ الدكتور: بصديق مصطفى
رئيس الملتقى: د/ محمد غربي
مسؤولة الملتقى: أ/ أنيسة بدروني
هاتف فاكس:
021327777887
021327775522
إشكالية الملتقى:
تشهد الدول العربية في السنوات الأخيرة تغيرات عميقة مست نظامها السياسي وتركيبته القانونية، وهذا بفعل عوامل دافعة داخلية تارة وخارجية تارة أخرى؛ حيث اتسمت هذه الحركية بالاندفاع والعنف في بعض منها وبالإصلاحات المرحلية في دول أخرى، الأمر الذي أدى إلى زيادة الرغبة لدى الشعوب العربية والقوى السياسية والمجتمع المدني في انتزاع الحقوق والحريات الكاملة وفق ما تضمنه الدساتير في الدول الديمقراطية، ومهما تكن الطرق المؤدية إلى تغيير الواقع الراهن والعلاقة بين الفرد والدولة، فإنها تمر حتما عبر التعديلات الدستورية التي تضمن حقيقة الإصلاحات السياسية المنشودة في الدول العربية.
والجزائر عرفت منذ الاستقلال إلي يومنا هذا تجارب متعددة في مجال التعديلات الدستورية، وكانت الرغبة في كل مرة هي إعطاء فرصة أكبر لتجسيد الإرادة الشعبية، وحماية وضمان الحقوق الأصلية والأساسية والحريات العامة، وتجسيد انسجام التقنين مع التحولات الفكرية والإيديولوجية والاقتصادية للمجتمع، وعليه :
ما هو جوهر التعديلات الدستورية في الدول العربية في ظل التحولات الراهنة ؟
وكيف يمكن للتعديلات الدستورية أن تستجيب للمطالب الشعبية ؟
وهل ستؤدي هذه التعديلات إلي الانتقال الديمقراطي في الدول العربية ؟ وما طبيعة التعديلات في الدستور الجزائري ؟  وما هي اقتراحات التعديل الضامنة للتغيير الحقيقي في بنية وأداء النظام السياسي في الجزائر ؟

المحور الأول: الإطار النظري
 1ـــ الأسس النظرية والفكرية لوضع الدساتير
 2ـــ تطور الأنظمة الدستورية في الدول العربية
المحور الثاني: الدساتير والتحولات السياسية في الدول العربية
1ـــ التحولات السياسية ودورها في تعديل الدستور
2ـــ الدوافع الداخلية لعملية التعديل الدستوري في الدول العربية
3ـــ الدوافع الخارجية لعملية التعديل الدستوري في الدول العربية
4ـــ الوضع العربي الراهن ومسألة التعديلات الدستورية
المحور الثالث: آليات وأساليب تعديل الدستور في الدول العربية
1ــ دور النظام السياسي في التعديل
2ــ دور المجتمع المدني في التعديل
3ـــ تكريس دور الفرد في عملية الإصلاح الدستوري
4ــــ التجارب العربية الراهنة في مجال التعديل الدستوري
المحورالرابع:  التجربة الجزائرية في مسألة التعديلات الدستورية
1ـــ التعديلات السابقة في الدستور الجزائري : أسبابها ودوافعها
2ــ نتائج وإنعكاسات التعديلات الدستورية في الجزائر
3ـــ طبيعة مشروع التعديل الدستوري المأمول في الجزائر
4ـــ التعديل الدستوري والتجربة الديمقراطية في الجزائر                     

.................................................................................

.................................................................................

جوهر التعديلات الدستورية القادمة

إعادة النظر في طبيعة النظام السياسيي 

القائم

مداخلة الدكتور: عمار عباس

ملخص المداخلة
يشهد العالم العربي عموما، ودول شمال إفريقيا خصوصا، عملية انتقال ديمقراطي اندلعت شرارته من تونس لتعم جميع دول العالم العربي، غير أن آليات التحول يمكن تقسيمها إلى نوعين، فقد اشترك الجناح الشرقي لشمال إفريقيا في اختيار سبيل الثورة كوسيلة للتغيير، مما عجل بعملية التحول كما هو عليه الحال في كل من تونس ومصر وليبيا، مع ملاحظة الظروف المختلفة لكل دولة مما أدى إلى تباين المنهج والنتائج في هذه الدول، ولو أنها اشتركت في اللجوء إلى الإصلاح الدستوري لاستكمال البناء، على العكس من ذلك كان الإصلاح السياسي في دول الجناح الغربي سلميا وأخذ صورة العملية الاستباقية بمبادرة من السلطات العمومية، كاستجابة لمطالب الشعوب، ويظهر هذا جليا من خلال مشروع الإصلاح السياسي في كل من الجزائر والمغرب وموريتانيا مع الاختلاف في رزنامة العملية الانتقالية والاتحاد في الوسيلة، وهي المرور على الإصلاحات الدستورية للتأسيس لنظام ديمقراطي.
على خلاف دول الجناح الشرقي لشمال إفريقيا، وبعد نجاح الثورة في إسقاط رأس النظام القائم، اختارت اللجوء إلى انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، تتحدد معه طبيعة النظام السياسي المرغوب إقامته؛ عرفت دول الجناح الغربي لشمال إفريقيا، إدارة سلمية للتحول، من خلال مبادرة السلطات العمومية في كل من المغرب والجزائر بإصلاحات سياسية جذرية.
لقد  تجسدت هذه الإصلاحات في المغرب في تعديل الدستور أولا،  تلته انتخابات تشريعية، فازت بها المعارضة، وتولت تشكيل الحكومة ورئاستها طبقا لأحكام الدستور الجديد؛ كل هذا يبرز التوجه نحو إقامة ملكية دستورية؛ في حين ركز مشروع الإصلاحات السياسية في الجزائر على البدء بتعديلات للقوانين المؤطرة للممارسة الديمقراطية، نظمت على ضوئها انتخابات تشريعية في 10 ماي 2012، على أن يتوج هذا المسار بتعديل دستوري جذري.
وعلى الرغم من التباين في نهج الإصلاح في الدول العربية ومسبباته، إلا أن الظاهر أن القاسم المشترك بينها هو الاقتناع بضرورة مباشرة تعديلات دستورية جوهرية، تتوج عملية التحول الديمقراطي، تحاكي حركة الدسترة التي عرفتها كثير من البلدان سواء عقب الثورتين الأمريكية والفرنسية في منتصف القرن الثامن عشر، أو عقب حركة التحرر التي عرفها العالم في منتصف القرن العشرين، أو كنتيجة للتحولات التي عرفها المعسكر الاشتراكي في نهاية الثمانينات من القرن المنقضي.
لقد كانت طبيعة النظام السياسي القائم إحدى الأسباب المباشرة للتحولات التي يعرفها العالم العربي؛ فتركيز السلطة وشخصنتها في رئيس الدولة أدى إلى التعسف والاستبداد في غياب الرقابة وانعدام  المسئولية، لذلك كله، كان الشعار الأبرز لهذا الحراك هو إسقاط النظام؛ فالنظام الرئاسي المتشدد الذي طبع كثير من الأنظمة العربية، أصبح اليوم لا يلقى إجماعا في مرحلة ما بعد الإصلاح؛  ولئن كانت التعديلات الدستورية هي الوسيلة التي ستحقق الانتقال الديمقراطي، فإن الحديث مركز اليوم على إعادة النظر في طبيعة الأنظمة العربية أكثر منه على ترقية الحقوق والحريات.
وعلى هذا المنوال، فقد أجمعت الطبقة السياسية والشخصيات الوطنية، التي استقبلتها هيئة المشاورات حول الإصلاحات السياسية، على ضرورة إعادة النظر في طبيعة النظام السياسي الجزائري، ولم تكتف بذلك بل اقترح معظمها إقامة نظام برلماني[1]، كبديل للنظام الرئاسي الذي طبع الحياة السياسية في الجزائر منذ الاستقلال[2].
فعلى الرغم من بعض ملامح النظام البرلماني التي عرفتها العلاقة بين السلطات في المرحلة الانتقالية التي أعقبت الاستقلال، إلا أن تركيز أهم السلطات لدى السلطة التنفيذية في الدساتير الجزائرية المتعاقبة، بل وحتى خلال المراحل الانتقالية التي عطل فيها الدستور[3]، جعل النظام السياسي الجزائري أقرب ما يكون إلى الأنظمة الرئاسية، إن لم نقل الرئاسية المتشددة، على الرغم من التحول البارز الذي عرفه النظام السياسي الجزائري بعد حوادث أكتوبر 1988، وتجسد في دستور 1989، بوجود حكومة مسؤولة سياسيا عن تنفيذ برنامجها أمام البرلمان، ليتم التراجع عن ذلك بمقتضى التعديل الدستوري لسنة 2008[4]، أين أصبح الوزير الأول مجرد منسق ومنفذ لبرنامج رئيس الجمهورية[5]، ليعود النظام السياسي الجزائري لطبيعته الأولى، التي ميزتها أحادية السلطة التنفيذية، ولو أنها بقيت ثنائية شكليا.
 لم تمض سنتان على هذا التعديل الدستوري، الذي وجد تأييدا واسعا، سواء من الطبقة السياسية ومؤسسات الدولة الرسمية بما فيها الحكومة[6] والمجلس الدستوري[7] وحتى البرلمان[8]، لتبرز المطالبة من جديد بتبني النظام البرلماني، وتحديد العهدة الرئاسية[9]، وهو تراجع كبير على جوهر التعديلات الدستورية لسنة  2008.
بناء على ما سبق سنحاول في هذه الورقة التطرق إلى الملامح التي ميزت النظام السياسي الجزائري منذ الاستقلال إلى اليوم (أولا)، ثم نتعرض بعد ذلك إلى مبررات ومقومات النظام البرلماني المرجو إقامته  في إطار التعديل الدستوري القادم(ثانيا).


[1] -حيث اقترحت معظم التشكيلات السياسية والشخصيات الوطنية عند استقبالها من طرف هيئة المشاورات حول الإصلاحات السياسية، النظام البرلماني، وبدرجة أقل النظام شبه الرئاسي، في حين لم تقترح أي جهة المحافظة على النظام الرئاسي، انظر يومية الخبر المؤرخة في 25 جوان 2011، ص 2.
[2] -احتل رئيس الجمهورية في كل الدساتير الجزائرية مكانة مرموقة في النظام السياسي الجزائري، ويعود ذلك إلى انتخابه عن طريق الاقتراع العام المباشر والسري، ولا يتم الفوز بمنصب رئيس الجمهورية إلا بالحصول على الأغلبية المطلقة لأصوات الناخبين المعبر عنها، بل أن دستور 1976 كان يشترط ضرورة حصول المرشح على الأغلبية المطلقة لأصوات الناخبين المسجلين، وهو نصاب مبالغ فيه وصعب التحقيق.
[3] -عرف التاريخ السياسي للجزائر مراحل انتقالية عديدة أهمها تلك الفاصلة بين تاريخ الاستقلال ووضع دستور 1963، والفترة التي امتدت من 19 جوان 1965 تاريخ حركة التصحيح الثوري إلى غاية وضع دستور 1976، كما دفعت الظروف التي مرت بها البلاد سنة 1992 بعد استقالة رئيس الجمهورية وإلغاء الانتخابات التشريعية إلى المرور بمرحلتين انتقاليتين امتدتا من 11 جانفي 1992 إلى غاية الانتخابات التشريعية لسنة 1997.
[4] - أنظر القانون  رقم  19 - 08  المؤرّخ  في  15  نوفمبر  سنة 2008  المتضمن  التعديل الدستوري.
[5]-أصبحت المادة 79 من دستور 1996 بعد تعديل 2008، تنص على أنه" ينفّذ الوزير الأول برنامج رئيس الجمهورية وينسق من أجل ذلك عمل الحكومة. يضبط الوزير الأول مخطط عمله لتنفيذه ويعرضه في  مجلس  الوزراء."
[6] - وافق مجلس الوزراء على مشروع التعديل الدستوري في اجتماعه المنعقد بتاريخ 03 نوفمبر 2008.
[7] - ارتأى المجلس الدستوري بأن مشروع التعديل الدستوري مطابق للدستور، أنظر رأي المجلس الدستوري رقم 01-08 المؤرخ في 07-11-08.
[8] -صادق البرلمان المجتمع بغرفتيه بأغلبية ثلاثة أرباع على هذا المشروع خلال دورته المنعقدة في 12 نوفمبر 2008.
[9] -أنظر مقترحات الأحزاب والشخصيات الوطنية، يومية الخبر المؤرخة في 25 جوان 2011 ص 2.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق