تعريف الدستور/ دروس في القانون الدستوري
تعريف الدستور
تباينت تعاريف الفقهاء لمصطلح الدستور، بنفس درجة اختلافهم حول تعريف القانون الدستوري، وذلك نظرا لاختلاف الزاوية التي ينظر منها إلى معنى الدستور؛ وتبعا لذلك تعددت أنواع الدساتير.
من الناحية اللغوية تعتبر كلمة دستور كلمة دخيلة على اللغة العربية، على اعتبار أنها كلمة فارسية، أما من الناحية الاصطلاحية فتعني القانون الأساسي.
أ.من خلال المعيار الشكلي
يعرف الدستور من خلال المعيار الشكلي على أنه مجموعة القواعد القانونية المحتواة في وثيقة أو عدة وثائق رسمية، تتبع في إعدادها وتعديلها إجراءات تختلف عن تلك المتبعة لإعداد وتعديل القواعد القانونية العادية.
فإذا كانت القواعد القانونية العادية تخضع لإجراءات معروفة سواء من حيث المبادرة والاقتراح أو من حيث المصادقة، حيث عادة ما تكون المبادرة والاقتراح من قبل السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، وتتبع لمناقشتها والمصادقة عليها إجراءات تحددها الدساتير والأنظمة الداخلية للبرلمانات، فإن الأمر يختلف إذا تعلق الأمر بالقواعد القانونية الدستورية بمفهومها الشكلي؛ حيث تحدد الدساتير في جانب منها إجراءات مختلفة وخاصة تتبع عند وضعها أو تعديلها، سواء من حيث المبادرة بالتعديل الدستوري، أو المصادقة عليه.
يظهر من خلال التعريف الشكلي للدستور، حصر مفهومه في القواعد القانونية المحتواة في الوثيقة الرسمية المكتوبة، واستبعاد بقية القواعد القانونية الموجودة خارجها حتى ولو كان مضمونها ذو طابع دستوري، وهو ما يؤدي إلى بعض التناقض من حيث إضفاء الطبيعة الدستورية على كل القواعد القانونية الموجودة داخل دفتي الوثيقة الدستورية حتى ولو كان مضمونها خلاف ذلك، وفي نفس الوقت استبعاد بقية القواعد القانونية الغير محتواة في هذه الوثيقة الرسمية حتى ولو كان الكثير منها ينظم مسائل دستورية والواقع يثبت كثرتها، لأن الوثيقة الدستورية متناهية لا يمكنها احتواء مجمل القواعد القانونية الدستورية نظرا لكثرتها.
ولعل هذا التعريف ارتبط بموجة الدساتير المكتوبة التي انتشرت في العالم ابتداء من منتصف القرن الثامن عشر، كبديل للدساتير العرفية.
ب.من خلال المعيار الموضوعي
لا ينحصر معنى الدستور من الناحية الموضوعية على القواعد القانونية المحتواة في وثيقة رسمية مكتوبة، بل يتعداها، حيث تعتبر من قبيل الدستور القواعد القانونية ذات الطبيعة الدستورية سواء تواجدت في الدستور بمفهومه الشكلي، أو في أي مصدر من مصادر القانون الدستوري، حتى ولو كانت قواعد قانونية عرفية .
ومعلوم أن القاعدة القانونية تكون ذات طبيعة دستورية كلما نظمت موضوعا من المواضيع المرتبطة مثلا بشكل الدولة من حيث اعتبارها موحدة أو مركبة، وبنظام الحكم وطريقة ممارسة السلطة فيه، واختصاص السلطات والعلاقة في ما بينها، وحددت حقوق الأفراد وحرياتهم وبينت واجباتهم.
ويظهر من خلال التعريف الموضوعي للدستور أنه أشمل وأكثر واقعية، لأنه من غير المعقول من الناحية العملية أن تحتوي وثيقة دستورية أو عدة وثائق كل القواعد القانونية ذات الطبيعة الدستورية، فعادة ما تكتفي الوثيقة الرسمية المكتوبة بوضع المبادئ العامة وتترك التفاصيل لبقية مصادر القانون، وأولها التشريع عاديا كان أو فرعيا، كما أن الممارسة قد تستدعي تفسير وتكملة القواعد القانونية المكتوبة، وهو الدور الذي يقوم به كل من العرف والقضاء والفقه.
merciiiiiiiiiiiiiiii
ردحذف