الأحد، 18 ديسمبر 2016

دستور الجزائر لسنة 1963، دراسة في إجراءات الإعداد والمضمون



جامعة أبو بكر بلقايد
تلمسان
الملتقى الدولي
حول
أحمد بن بلة
في بعديه الوطني والدولي

يومي 3 و 4 ديسمبر 2016
بقلم: الأستاذ الدكتور عمار عباس؛
أستاذ التعليم العالي؛
باحث في القانون الدستوري والنظم السياسية؛
رئيس مشروع بحث حول
"الإصلاحات السياسية والدستورية في الجزائر"؛
كلية الحقوق والعلوم السياسية ؛
جامعة مصطفى اسطمبولي، معسكر، الجزائر.
Email :abammar2006@yahoo.fr
Blog :ammarabbes.logspot.com



محور المداخلة
 أحمد بن بلة الرئيس في ظل الجزائر المستقلة:  صياغة أول دستور جزائري وتأكيد مبدأ السيادة الوطنية.
عنوان المداخلة:
دستور 1963، دراسة لإجراءات الإعداد والمضمون
ملخص
بعد استرجاع السيادة الوطنية مباشرة، كان من ضمن أولويات المرحلة، وضع دستور للبلاد، حيث سبق لاتفاقيات إيفيان وأن حددت طريقة إعداده، من خلال أحد أبرز  الأساليب الديمقراطية لوضع الدساتير وهو أسلوب الجمعية التأسيسية[1]، غير أن الأحداث والتجاذبات التي عرفتها البلاد في صائفة 1962 بين الحكومة المؤقتة وقيادة الأركان، كان لها تأثير على طريقة إعداد أول  دستور للبلاد سنة 1963، كما ساهمت الظروف الاستثنائية التي عاشتها البلاد بعد المصادقة  عليه من قبل المجلس الوطني التأسيسي وإقراره من قبل الشعب عبر الاستفتاء، رغم التجاذب حول إعداد مشروعه بين الحكومة والمجلس التأسيسي (أولا)، غير أن هذا كله لا يحول دون  الوقوف عند بعض أحكام هذا الدستور خاصة تلك المستمدة من النظم الديمقراطية العريقة وعلى رأسها تمكينه للبرلمان من الآليات الرقابية على السلطة التنفيذية،  وتكريسه لكثير من الحقوق والحريات ووضع آليات لحمايتها من انتهاك المشرع، وعلى رأسها إقرار مبدأ الرقابة الدستورية (ثانيا)، غير أن الدستور لم يكتب له البقاء أكثر من ثلاثة أسابيع، بعد أن علق العمل به في مرحلة أولى بسبب ظروف استثنائية واجهتها البلاد،  ليلغى  كليا  في مرحلة ثانية، على إثر حركة 19 جوان 1965 (ثالثا).


مقدمة

كان الدستور من مطالب الحركة الوطنية الجزائرية خلال فترة الاحتلال، فعقب نزول الحلفاء في الجزائر في 08 نوفمبر 1943، قدم لهم الجزائريون عبر ممثليهم مذكرة في 20 ديسمبر 1943، ضمنوه مطالب عدة، كان أبرزها الدعوة"لانعقاد ندوة  تجمع المنتخبين والممثلين المؤهلين لكل المنظمات الإسلامية، ..الهدف (منها)..وضع دستور سياسي واقتصادي واجتماعي للمسلمين الجزائريين..و..الشرط الوحيد الكفيل بإعطاء المسلمين في هذه البلاد الشعور العميق بواجباتهم الراهنة، هو دستور قائم على العدل الاجتماعي"[2].
غير أن سلطة الاحتلال لم تكن مستعدة لتلبية هذا المسعى، بل التفت عليه في إطار سياستها الترغيبية، بوضعها لدستور ممنوح أو ما سمي بقانون الجزائر لسنة 1947[3]؛ وهو عبارة عن نص جامع لكل القوانين الخاصة بالجزائر، والتي سنتها  انطلاقا من سنة 1830، وقد تطرق الباب الأول منه للنظام السياسي وتنظيم السلطات العامة[4].
 إذا كان المعمرون قد اعترضوا على هذا الدستور لزعمهم أنه قد منح حقوقا كثيرة للجزائريين، فإن رفض الحركة الوطنية له كان يرتكز أساسا على عدم مشاركة الشعب الجزائري في إعداده،  كما اعتبرته ممهدا للاندماج التدريجي، وحتى ما كان منه  في صالح الشعب الجزائري لم يلق طريقه للتطبيق.
أما خلال الثورة التحريرية، فقد شهدت الجزائر نصوصا دستورية بالمفهوم المادي، على رأسها بيان أول نوفمبر 1954، وما تلاه من مواثيق على غرار ميثاقي الصومام  1956 وطرابلس 1962؛ إضافة إلى النصوص المنظمة للمؤسسات المؤقتة للثورة الجزائرية، التي صادق عليها المجلس الوطني للثورة الجزائرية (CNRA) [5]؛ علما أن هذا الأخير كان يمارس السلطتين التشريعية والتأسيسية نيابة عن الشعب الجزائري .
بعد استرجاع السيادة الوطنية مباشرة، كان من ضمن أولويات المرحلة، وضع دستور للبلاد، حيث سبق لاتفاقيات إيفيان وأن حددت طريقة إعداده، من خلال أحد أبرز  الأساليب الديمقراطية لوضع الدساتير وهو أسلوب الجمعية التأسيسية[6]، غير أن الأحداث والتجاذبات التي عرفتها البلاد في صائفة 1962 بين الحكومة المؤقتة وقيادة الأركان، كان لها تأثير على طريقة إعداد أول  دستور للبلاد سنة 1963، كما ساهمت الظروف الاستثنائية التي عاشتها البلاد بعد المصادقة  عليه من قبل المجلس الوطني التأسيسي وإقراره من قبل الشعب عبر الاستفتاء، رغم التجاذب حول إعداد مشروعه بين الحكومة والمجلس التأسيسي (أولا)، غير أن هذا كله لا يحول دون  الوقوف عند بعض أحكام هذا الدستور خاصة تلك المستمدة من النظم الديمقراطية العريقة وعلى رأسها تمكينه للبرلمان من الآليات الرقابية على السلطة التنفيذية،  وتكريسه لكثير من الحقوق والحريات ووضع آليات لحمايتها من انتهاك المشرع، وعلى رأسها إقرار مبدأ الرقابة الدستورية (ثانيا)، غير أن الدستور لم يكتب له البقاء أكثر من ثلاثة أسابيع، بعد أن علق العمل به في مرحلة أولى بسبب ظروف استثنائية واجهتها البلاد،  ليلغى  كليا  في مرحلة ثانية، على إثر حركة 19 جوان 1965 (ثالثا).

 أولا: المخاض العسير لوضع دستور 1963

نظمت اتفاقيات إيفيان[7] كما سبق بيانه، كيفية إدارة المرحلة الانتقالية بعد وقف إطلاق النار، حيث نصت في هذا الإطار، على تشكيل هيئة تنفيذية مؤقتة، تكلف بإدارة الشؤون الجزائرية إلى جانب المحافظ السامي، على أن تسلم سلطاتها لمجلس وطني تأسيسي، تشرف بنفسها على انتخابه، مباشرة بعد الموافقة على استفتاء تقرير المصير، الذي جرى في الفاتح من شهر جويلية 1962[8].
 بعد اعتراف فرنسا باستقلال الجزائر في الثالث من شهر جويلية 1962[9]، نقلت الاختصاصات الفرنسية على الجزائر تطبيقا لاتفاقيات إيفيان إلى هيئة تنفيذية مؤقتة،[10]، تتولى التشريع لتنظيم الشؤون الجزائرية[11]؛ وتبعا لذلك، أصدرت مجموعة من الأوامر، متعلقة بالعفو العام، وبالإجراءات المتعلقة بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي وتحديد صلاحياته[12]، على اعتبار أنها كانت مطالبة خلال ثلاثة أسابيع من الموافقة على استفتاء تقرير المصير، بتنظيم انتخابات لتشكيل مجلس وطني تأسيسي، تسلمه سلطاتها؛ ويتكفل بإدارة شؤون البلاد في غياب دستور للبلاد، وسلطة تنفيذية منتخبة[13].
على هذا الأساس، كان مقررا أن تجري الانتخابات المتعلقة بتشكيل المجلس الوطني التأسيسي في 12 أوت 1962، غير أن أزمة صيف 1962 الناجمة عن الصراع على السلطة بين الحكومة المؤقتة وقيادة الأركان، دفعت لتأجيلها إلى 2 سبتمبر من نفس السنة، لتنظم في الأخير في العشرين من نفس الشهر[14].
كُلف المجلس الوطني التأسيسي، -المنتخب بعد الاستقلال كآلية لنقل سلمي للسلطة، وإقامة نظام ديمقراطي-، بممارسة ثلاث مهام رئيسية، خولها له القانون الذي صوت عليه الشعب عن طريق الاستفتاء، بالموازاة مع انتخابه لأعضاء المجلس[15] :
-التشريع باسم الشعب الجزائري؛
-تعيين حكومة؛
-وضع دستور للبلاد.
يلاحظ هنا، على خلاف الأعراف الدستورية التي تتولى فيها الجمعيات التأسيسية وضع الدستور كاختصاص أصلي، فقد أصبح المجلس الوطني التأسيسي بمقتضى القانون المحدد لمهامه، مطالبا بممارسة اختصاصات تنفيذية وتشريعية، زيادة على اختصاصه التأسيسي؛ فذا كان المجلس قد استطاع تجاوز الاختصاص الأول بسلام بتعيينه لرئيس للحكومة والمصادقة على تشكيلتها وبرنامجها (1)، فإنه في مقابل ذلك، وجد نفسه في مواجهة معها، بسبب منافستها له في اختصاصيه التأسيسي (2) والتشريعي (3).

1.    تعيين الحكومة و الخلاف حول طبيعة النظام السياسي[16]

         شرع المجلس الوطني التأسيسي في عمله[17]، بعد نقل السلطات إليه من قبل  كل من الهيئة التنفيذية المؤقتة والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، وقد شكلت حيينها مكانة رئيس الحكومة في النظام السياسي الجزائري وصلاحياته والعلاقة بينه وبين أعضاء حكومته من جهة، وبينه وبين المجلس الوطني التأسيسي من جهة أخرى، نقاشا كبيرا داخل المجلس الوطني التأسيسي، عندما أراد الفصل في كيفية تعيين أول حكومة بعد الاستقلال، على اعتبار أنه كان مختصا بذلك[18].
         لم يكن  الغموض حول طبيعة الحكومة التي ستقام بعد الاستقلال في الجزائر أمرا مستجدا، بل ساد ذلك حتى في الفترة التي سبقت استرجاع السيادة الوطنية، فقد، "ظلت الرؤية غير واضحة لدى قادة الثورة حول طبيعة النظام السياسي الذي سيقام في الجزائر عند الاستقلال وتبيانا لذلك، لم يتناول بيان أول نوفمبر هذا الموضوع، ولم يتطرق إلى ذلك الحاضرون في مؤتمر الصومام، ولم يجر الحديث عن ذلك خلال دورات المجلس الوطني للثورة الجزائرية"[19].
 كانت المواقف من طبيعة النظام السياسي الذي سيقام بعد الاستقلال تحددها الانتماءات الإيديولوجية للتيارات الكبرى للحركة الوطنية"فعلى حين اقترح البعض نظاما برلمانيا يعتمد التعددية الحزبية رأى غيرهم أن النظام الأمثل هو النظام الاشتراكي"[20].
 أما داخل المجلس الوطني التأسيسي فقد كانت هناك نظرتان متضاربتان حول طبيعة نظام الحكم الواجب إقامته، إحداهما ترغب في إقامة نظام سياسي على شكل حكومة جمعية، في حين كانت الثانية تريده  نظاما برلمانيا، تكون فيه الحكومة مسئولة مسؤولية سياسية جماعية أمام المجلس الوطني التأسيسي، ويكون أعضاءها مسئولين مسؤولية سياسية فردية أمام رئيس الحكومة[21].
في هذا الإطار تقدم النائب بشير بومعزة، باقتراح مشروع توصية للمجلس الوطني التأسيسي، يتلخص موضوعها في أن يكون"رئيس الحكومة والوزراء مسئولين أمام المجلس، الذي يمكنه أن يسحب ثقته من الحكومة بمجموعها أو أحد أو عدد من الوزراء، ويمكنه أيضا قبول استقالة الحكومة أو أحد وزراءها أو أكثر"[22].
 من خلال تحليل  مضمون مشروع هذه التوصية، يتبين لنا استهدافها لإقامة  نظام سياسي قريب من نموذج الحكم في سويسرا وهو ما يعرف بنظام حكومة الجمعية؛ وقد كن الغرض من ذلك، هو"القضاء على احتمال ظهور زعامة، وتكريس مبدأ القيادة الجماعية وما ينتج عن ذلك من اضمحلال دور المكتب السياسي وبعض أعضاءه أصحاب السلطة الفعلية"[23]، غير أن النقاش الحاد الذي عرفه مشروع هذه التوصية، أفضى إلى إدخال تعديل طفيف عليه، ليصبح على النحو التالي[24]:
- يعين المجلس الوطني التأسيسي رئيسا للحكومة، ويشكل هذا الأخير حكومته؛
- يقدم رئيس الحكومة أعضاء حكومته للمجلس الوطني التأسيسي، ويقترح برنامجه لإثرائه؛
  يلاحظ هنا، كيف تغيرت طبيعة النظام السياسي بمجرد إدخال تعديل على  صياغة مشروع التوصية التي تقدم بها النائب بشير بومعزة، فعوضا عن الاتجاه نحو إقامة نظام حكومة جمعية تكرس فيه مبادئ القيادة الجماعية، أصبحت معالم النظام  السياسي المقترح تبرز المكانة المرموقة لرئيس الحكومة، في غياب رئيس للجمهورية الذي لم ينشأ منصبه بعد[25]، ليتأكد"الاتجاه نحو النظام الرئاسوي أو الرئاسي المتشدد، ورفض نظام حكومة الجمعية أو النظام البرلماني"[26].
 لقد وجد المجلس الوطني التأسيس نفسه مطالب بالقيام  بعمليتين عندما أراد  تطبيق الإجراءات المتعلقة بتعيين الحكومة،  حيث يقوم أولا  بتعيين رئيس للحكومة وبعد تشكيله لحكومته، يوافق ثانيا على تشكيلتها[27]، وقد تولى رئيس المجلس آنذاك، السيد فرحات عباس،  توضيح الأمر لأعضاء المجلس، معتبرا "أن المجلس بتعيينه لرئيس الحكومة إنما يقوم مقام رئيس الجمهورية غير الموجود، ثم تأتي المرحلة الثانية التي يناقش ويوافق على حكومة وبرنامج رئيس الحكومة"[28].
         قدم السيد أحمد بن بلة ترشحه لرئاسة الحكومة، نظرا للشرعية التاريخية التي كان يمتلكها[29]، ولثقته في الحصول على تزكية أعضاء المجلس التأسيسي، حيث كان مهيأ لذلك، نظرا للدعم الذي وجده سواء داخل المجلس الوطني التأسيسي أو خارجه، خاصة من قبل قيادة الأركان، وما يؤكد هذا هو نتائج التصويت في المجلس الوطني التأسيسي، سواء عليه أو على تشكيلة حكومته وبرنامجها، حيث صوت 141 نائبا لصالحه، في مقابل  ثلاث عشرة صوت ضده، وواحد وثلاثون صوت ملغى؛  وبعد عرضه في اليوم الموالي لبرنامج حكومته للتصويت، حصل على ثقة  158 نائبا، مقابل اعتراض نائب واحد فقط، وامتناع تسعة عشر (19)  نائبا عن التصويت[30].


2.    حول الاختصاص التشريعي

في غياب دستور، تحول النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي[31]، إلى دستور مادي، خول المجلس  لنفسه بمقتضاه،  مهام تشريعية ورقابية خلال المرحلة الانتقالية التي سبقت إقرار دستور 1963، هذا الأخير، قد شهد إعداده نقاشا حادا بين أعضاء المجلس، خاصة في ما يتعلق بضبط  اختصاصات لجانه الدائمة[32].
يذكر أن المجلس الوطني التأسيسي بقي قائما بعد إقرار دستور 1963، حيث كان مقررا أن تنتهي عهدته في 12 أوت 1963، وفي حالة تأخر المصادقة على الدستور، كانت الحكومة المؤقتة مطالبة خلال شهر، بتنظيم انتخابات لمجلس جديد، بنفس الإجراءات والاختصاصات[33]، وبعد المصادقة على دستور 1963، نص في أحكامه الانتقالية على تمديد العهدة النيابية للمجلس الوطني التأسيسي، لغاية انتخاب المجلس الوطني، المكلف بممارسة السلطة التشريعية وفقا للدستور الجديد[34].    
كان المجلس الوطني التأسيسي يعتبر نفسه  المصدر الوحيد للشرعية، باعتباره صاحب السيادة في التشريع باسم الشعب الجزائري الذي انتخبه، رافضا التنازل عن جزء من اختصاصه التشريعي للحكومة؛ وفي هذا الإطار، صادق على عدة قوانين، كتلك المتعلقة بالبنك المركزي والمالية والجنسية والاستثمارات[35].
لقد سمح عدم تحديد مجالي التشريع والتنظيم بدقة، لرئيس الحكومة آنذاك، السيد أحمد بن بلة، بممارسة السلطة التنظيمية بشكل واسع، بتنظيم بعض المواضيع بمراسيم رغم أنها تدخل أصلا في مجال القانون، على غرار الأملاك الشاغرة، وانتخاب رئيس الجمهورية[36].
 زيادة على ذلك، لم تتمكن هياكل المجلس الوطني التأسيسي من ممارسة اختصاصاتها بشكل كامل؛ حيث ساهمت التكتلات في شل المجلس وإضعافه  في مواجهة الحكومة، حيث أصبحت هذه الأخيرة، المشرع الحقيقي دون منازع "محتمية وراء الاختيارات التي حددها مؤتمر طرابلس وتوجيهات المكتب السياسي، من أجل بناء مجتمع ديمقراطي أساسه العدالة الاجتماعية"[37].

2. حول الاختصاص التأسيسي

كان المجلس الوطني التأسيسي صاحب السلطة المطلقة في تحضير مشروع الدستور والتصويت عليه[38]، قبل عرضه على استفتاء الشعب؛ وبناء على ذلك، اقترحت عدة مشاريع للدستور الجديد، حيث قدم مشروعين في أفريل 1963، الأول من اقتراح النواب بن عبد الله ومراد أوصديق وحسين المهداوي، والقنصلين بفرنسا السيدين بن ديمراد وبن غزال؛ والثاني من قبل السيد فرحات عباس بصفته رئيسا للمجلس الوطني التأسيسي؛ كما كان هناك مشروع آخر سبق لفدرالية جبهة التحرير الوطني طرحه في مؤتمر طرابلس سنة 1962[39].
          في الوقت الذي كانت لجنة القوانين الدستورية بالمجلس الوطني التأسيسي تتأهب  للشروع في مداولاتها، أقدمت الحكومة على وقف أشغالها، معلنة تكفلها بإعداد مشروع الدستور[40].
 لتعرضه بعد ذلك على ندوات جهوية ثم على ندوة وطنية للإطارات[41]؛ الأمر الذي دفع برئيس المجلس الوطني التأسيسي آنذاك، السيد فرحات عباس، بالاعتراض على هذا المسعى، معتبرا ذلك تدخلا في الشؤون الداخلية للمجلس المنتخب من قبل الشعب لهذا الغرض، و بناء على اقتراح من حزب جبهة التحرير الوطني، ما يجعله سيدا في إعداد مشروع الدستور وفقا للإجراءات القانونية، ومن ثم لا يمكن لأي مشروع آخر أن يكون موضع دراسة إلا إذا تم تسليمه للمجلس الوطني التأسيسي، الذي يقوم يوزعه على أعضاءه قصد دراسته وإبداء رأيهم فيه، متسائلا كيف يحق لمناضلين في الحزب لم ينتخبهم الشعب مناقشة  الدستور؟، في حين يحرم من ذلك من انتخبهم الشعب لإعداده[42].
في نفس السياق، ونظرا لتوجه الحكومة للالتفاف على الإجراءات المقررة سلفا لإعداد الدستور، وجه السيد فرحات عباس اتهاما لرئيس الحكومة السيد أحمد بن بلة، بالعمل على"انتقاء مجموعة صغيرة من الحزب لكي يحصل على تأييدهم ومساندتهم لرغبته في إقامة نظام سياسي تعسفي بدون وجود سلطة تشريعية (برلمان) قادرة على محاسبة أعضاء الحكومة"[43].
قي مقابل ذلك، كانت الحكومة وبالخصوص رئيسها، ترى أن دور أعضاء المجلس الوطني التأسيسي يتلخص"في مساعدة الحكومة عن طريق إعداد النصوص المتعلقة بمشروع الدستور الجديد، والحكومة هي التي تقترح المشروع النهائي للدستور، وحسب رأي السيد أحمد بن بلة، فإن النواب قد تم اقتراحهم من طرف حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري والشعب قام بتزكيتهم عن طريق إبداء موافقته عليهم، ولهذا فإن الحزب هو الذي يصنع القرارات في جميع الأحوال ولا مجال لأية سلطة أخرى أن تنافسه في ذلك"[44].
ورغم استقالة السيد فرحات عباس من رئاسة المجلس[45]، احتجاجا على تصرفات الحكومة واستيلائها على الاختصاص التأسيسي للمجلس، إلا أن هذه الأخيرة مضت في تحقيق إرادتها بإعداد مشروع الدستور، وعرضته على ندوة وطنية لإطارات الحزب، والتي  احتضنت فعالياتها سينما الماجستيك بالجزائر العاصمة، فوافقت عليه.
 مواصلة لهذا المسار، قدم مشروع الدستور من قبل خمسة نواب، في شكل مقترح  قانون للمجلس الوطني التأسيسي؛ وقد أكد حينها رئيس الحكومة السيد احمد بن بلة،  في كلمة له أمام أعضاء المجلس الوطني التأسيسي في 12 ديسمبر 1962 على أنه"من الغلط أن يتصور أي إنسان أنه في الإمكان التغلب على الصعاب التي تعترض الجزائر عن طريق مناقشة النواب داخل أي برلمان، ...، صانع القرار السياسي في البلاد هو الحزب"[46].
بعد مناقشة شكلية منح المجلس الوطني التأسيسي موافقته على مشروع الدستور[47]؛ ليطرح بعد ذلك على استفتاء الشعب، فوافق عليه من جهته بأغلبية ساحقة[48]،  ليتحول الشعب بذلك"من منشئ للمجلس التأسيسي إلى موافق على اقتراح المكتب السياسي"[49].
لقد كان تفوق للسلطة التنفيذية يبدو أمرا طبيعيا، وامتدادا لتركيز الوظيفة التنفيذية لدى رئيس الحكومة[50]، على الرغم من طابعها المؤقت[51]، وبذلك سيتحول أسلوب ممارستها للسلطة، وسيطرتها على السلطة التشريعية، باستحواذها على اختصاصيها التشريعي والتأسيسي، السمة الرئيسية للنظام السياسي الجزائري[52]، هذا الواقع  الذي تمت دسترته  في دستور 1963[53]، ورغم كل ذلك فقد تضمن الدستور الكثير من المبادئ التي تقوم عليها الدساتير في الأنظمة الديمقراطية، إضافة إلى تكريسه لأبرز الحقوق والحريات.

ثانيا: مضمون دستور 1963 الأسس الديمقراطية في مقابل تقوية السلطة التنفيذية

         ضم دستور 1963 خمسة وسبعين(75) مادة، منها خمس مواد انتقالية، وإذا كان الدستور من حيث الشكل لم يقسم  إلى أبواب وفصول، فإنه في مقابل ذلك من حيث المضمون، حدد الخيارات السياسية والاقتصادية للبلاد، من خلال تبنيه للأحادية الحزبية وللاقتصاد الموجه، ورغم استبعاده للأنظمة السياسية التقليدية على غرار النظام الرئاسي والبرلماني، إلا أنه خول للبرلمان آليات رقابية في مواجهة السلطة التنفيذية وجعلها مسئولة سياسيا أمامه رغم مكانتها المرموقة (1)، زيادة على تكريسه للحقوق والحريات وتوفير الحماية لها (2).
     
1.    الاختصاصات التشريعية والرقابية للمجلس الوطني

من المسلم به أن السلطة التشريعية في معظم الأنظمة السياسية يعهد لها بوظيفتين أساسيتين، وظيفة تشريعية من خلال إعداد القانون والتصويت عليه، ووظيفة رقابية على السلطة التنفيذية، وهما الوظيفتين اللتين خولهما دستور 1963 للمجلس الوطني، باعتباره المعبر عن السيادة الشعبية[54].
 كان المجلس الوطني التأسيسي كما سبق ذكره، مختصا بالتشريع باسم الشعب وتعيين حكومة وإعداد دستور للبلاد، وقد نص هذا الأخير في أحكامه الانتقالية على تمديد أجل مهامه التشريعية إلى غاية 20 سبتمبر 1964، وهو التاريخ الذي كان مقررا أن يتم قبل حلوله، إجراء انتخاب مجلس وطني يكلف بممارسة السلطة التشريعية[55]، باعتباره المعبر عن الإرادة الشعبية، بناء على أن السيادة الوطنية ملك للشعب[56].
لم تكن سلطة المجلس الوطني في ممارسة الوظيفة التشريعية مطلقة، على اعتبار أن رئيس الجمهورية كان مشاركا له في ذلك، من خلال المبادرة باقتراح القوانين عل قدم المساواة مع النواب[57]، والتشريع  بناء على تفويض، حيث كان بإمكانه أن يطلب من المجلس الوطني أن يفوض له اتخاذ إجراءات ذات صبغة تشريعية عن طريق أوامر تشريعية، لفترة زمنية محددة ، تتخذ في نطاق مجلس الـوزراء، وتعـرض على مصادقة المجلس في أجل ثلاثة أشهر[58].
         إلى جانب وظيفته التشريعية، كان المجلس الوطني مختصا بممارسة الرقابة على عمل الحكومة[59]، عبر وسائل الرقابة البرلمانية المتاحة له والمتمثلة على الخصوص في:
- الاستماع إلى الوزراء داخل لجان المجلس الوطني؛
- توجيه الأسئلة الكتابية والشفوية  للحكومة[60]؛
- سحب الثقة من رئيس الجمهورية باعتباره المسئول الوحيد أمام المجلس الوطني، بإيداع لائحة سحب للثقة، موقعة من طرف ثلث النواب، وإذا تم التصويت عليها بالأغلبية المطلقة بعد مضي خمسة أيام من إيداعها، يترتب على ذلك استقالة رئيس الجمهورية والحل التلقائي للمجلس الوطني[61]، هذا الإجراء الذي سبق للسيد فرحات عباس أن اعتبره أمرا خطيرا على استقرار النظام السياسي الجزائري، لأته قد يفضي إلى شغور أهم مؤسستين دستوريتين في البلاد في وفت واحد وهما رئاسة الجمهورية والبرلمان، ولو أن هذا السيناريو كان من المستبعد حدوثه[62].

    
2.    تكريس للحقوق والحريات وتوفير ضمانات لحمايتها

توجهت الدول إلى تدوين دساتيرها، متجاوزة الأعراف، لأنها لم تعد وحدها كافية للحد من السلطة وحماية حقوق الإنسان وحرياته، في إطار حركة الدسترة (mouvement constitutionnel)، التي عرفها العالم  نهاية القرن الثامن عشر؛ كانت البوادر الأولى لبروز هذه الحركة هي وضع المستعمرات البريطانية لدساتير مدونة بعد استقلالها عن الدولة الأم، على غرار دستور كاليفورنيا؛ ليشكل الدستور الاتحادي للولايات المتحدة الأمريكية لسنة 1787، الانطلاقة الحقيقية للموجة الأولى من حركة الدسترة، التي امتدت بعد ذلك إلى فرنسا التي دونت دستورها عقب ثورة 1789، ليتبع ذلك موجات أخرى عمت مختلف بلدان العالم[63]،  باستثناء بريطانيا التي لا زالت متمسكة بدستورها العرفي.
ضمن هذا السياق، تداعت الدول المستقلة عقب موجة التحرر التي عرفتها إفريقيا وآسيا في الأربعينات والخمسينات، إلى وضع دساتير تكرس من خلالها معالم هويتها، وترسي بها المبادئ العامة التي تقوم عليها مجتمعاتها، وتدون فيها بكل وضوح حقوق الأفراد وحرياتهم، كما وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتضع لها آليات للحماية، سواء من خلال القضاء العادي أو الإداري أو الدستوري، وحتى من خلال المجتمع المدني.
لم تكن الجزائر لتخرج عن هذا المسار، حيث سبق لبيان أول نوفمبر 1954 التأكيد على حقوق وحريات الإنسان، معتبرا أن هدف الثورة هو الاستقلال الوطني، بغية إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية، التي  تحترم فيها جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني[64].
كما تضمنت النصوص المنظمة لمؤسسات الثورة الجزائرية، التي صادق عليها المجلس الوطني للثورة الجزائرية(CNRA)، على احترام الحقوق والحريات، وعلى رأسها الحق في المساواة، حيث نصت على أن الجمهورية الجزائرية تضمن لكل المواطنين بدون تمييز ديني أو عرقي، المساواة أمام القانون[65].
على هذا الأساس، كان من الطبيعي أن يكرس أول دستور للجزائر المستقلة، الاعتراف بالحقوق والحريات، بنصه صراحة على"موافقة الجزائر على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتنضم إلى كل منظمة دولية تستجيب لمطامح الشعب الجزائري و ذلك اقتناعا منها بضرورة التعاون الدولي"[66]؛ كما جاء في ديباجته"أن الحقوق السياسية المعترف بها لكل مواطن بالجمهورية تمكنه من المساهمة بطريقة كلية و فعالة في فريضة تشييد البلاد، و تخول له النمو، وتعده لمعرفة نفسه بصورة منسجمة في نطاق المجموعة طبقا لمصالح البلاد، واختيارات الشعب"[67].
كما جعل من بين الأهداف الأساسية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية:
- الدفاع عن الحرية و احترام كرامة الإنسان؛
- مقاومة كل نوع من التمييز، وخاصة التمييز العنصري والديني؛
- استنكار التعذيب و كل مساس حسّي أو معنوي بكيان الإنسان[68]؛
         زيادة على كل هذا، خُصص جزء من الدستور  للحقوق الأساسية، تضمن معظم حقوق الإنسان المتعارف عليها في المواثيق الدولية، خاصة منها الحقوق السياسية والمدنية وعلى رأسها حق التصويت[69]، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على غرار الحق النقابي والحق في الإضراب والحق في التعليم والإعلام وتأسيس الجمعيات[70].
غير أنه في مقابل ذلك، قلص من الحقوق السياسية باستبعاده للتعددية الحزبية، وتفضيله للأحادية الحزبية، بنصه في المادة 23 منه على أن " جبهة التحرير الوطني هي حزب الطليعة الواحد في الجزائر ".
حماية للحقوق والحريات الأساسية من التضييق أو الانتهاك من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية، عند تنظيمهما لهذه الحقوق، نص دستور 1963 على تأسيس مجلس دستوري، يسهر على مراقبة القوانين والأوامر التشريعية[71] متأثرا بالتجربة الفرنسية في هذا المجال[72]، ولو أن المحاكاة لم تكن كاملة، إن على مستوى تشكيل أو إجراءات عمل المجلس الدستوري[73].
حدد دستور 1963 تشكيلة المجلس الدستوري بسبعة أعضاء، يمثلون السلطات الثلاث، القضائية( 03 أعضاء)، التشريعية( 03 أعضاء)، والتنفيذية (عضو واحد) [74]، على أن ينتخب المجلس  رئيسا له  من بين أعضاءه، يكون صوته مرجحا عند التصويت[75]، أما إخطار المجلس الدستوري، فكان مقررا لكل من رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الوطني؛ غير أن الظروف التي واجهتها البلاد داخليا وخارجيا آنذاك، حالت دون تنصيب المجلس الدستوري.

ثالثا: النهاية المزدوجة لدستور 1963، واستبدال الشرعية الدستورية بالشرعية الثورية

توضع الدساتير لتنظيم السلطات وتكريس الحقوق والحريات الأساسية، لذلك، الأصل في الدساتير الثبات والاستقرار، وإذا ما استدعت الظروف تعديلها أو إلغاءها، فيجب إتباع الإجراءات التي تحددها الدساتير نفسها، إلا إذا كانت الأوضاع في حالة انسداد، ورفضت الجهة التي تمتلك حق المبادرة بالتعديل، إدخال التصحيحات المطلوبة على الدستور القائم، حينها يكون لجوء مالك السلطة التأسيسية إلى الأساليب غير العادية لتعديلها أو إلغاءها مشروعا، لذلك تعتبر الثورات وسيلة من وسائل إسقاط الدساتير واستبدالها بدساتير جديدة، كما قد يكون ذلك بمبادرة من قبل فئة قليلة من داخل نظام الحكم، بغية تغييره  ومعه الدستور القائم، مستخدمة القوة العسكرية، وهو ما يعرف بالانقلاب.
إذا كان دستور 1963 قد تضمن إجراءات تعديله كلما استدعت الضرورة ذلك، سواء بمبادرة من رئيس الجمهورية أو الأغلبية المطلقة للمجلس الوطني[76]، إلا أن رئيس الجمهورية استند على الدستور ولكن لتوسيع صلاحياته مما أدى إلى تعليق الدستور في مرحلة أولى (1)، الأمر الذي اعتبره معارضوه استحواذا على السلطة وانحرافا عن مسار الثورة، فلجئوا إلى عزل رئيس الجمهورية وإلغاء دستور 1963 كليا، مستبدلين بذلك الشرعية الدستورية بشرعية ثورية (2).  


1.    تعليق العمل بالدستور بإعلان رئيس الجمهورية لحالة الظروف الاستثنائية 

بعد دخول دستور 1963 حيز النفاذ، واكتمال بناء المؤسسات الدستورية، واجهت البلاد ظروفا خطيرة، هددت سيادتها داخليا وخارجيا، الأمر الذي شكل دافعا قويا لرئيس الجمهورية إلى إعمال  المادة 59 من دستور 1963 في الثالث من أكتوبر 1963، والتي تتسع بمقتضاها سلطاته، وتمكنه من اتخاذ تدابير استثنائية[77].
فعلى المستوى الداخلي، اعتبر التمرد العسكري الذي قاده كل من آيت أحمد ومحند ولحاج في منطقة القبائل، مهددا للأمن الداخلي ولاستقرار الدولة ومؤسساتها، أما على المستوى الخارجي، فقد شكلت الأحداث التي شهدتها الحدود الغربية للبلاد بين الجيش الجزائري والجيش المغربي، أو ما عرف وقتها بحرب الرمال، مساسا بالوحدة الترابية للبلاد[78].
   كل هذا أدى إلى زيادة اتساع صلاحيات رئيس الجمهورية، والتي اعتبرها ضرورية للحفاظ على أمن واستقلال البلاد، ليعلق على إثر ذلك العمل بالدستور[79]، لتنتهي فترة الحكم العادية، في ظل دستور لم تمض على إصداره سوى ثلاثة أسابيع[80].
في مقابل ذلك، كان معارضو الرئيس، يرون أن الغرض من إعلان حالة الظروف الاستثنائية هو الانفراد بالسلطة، وأن الأوضاع التي واجهتها البلاد، لم تكن تستدعي هذه الإجراءات الاستثنائية، فالأوضاع كانت مستقرة، والدليل على ذلك انعقاد مؤتمر حزب جبهة التحرير الوطني سنة 1964، واستعدادا البلاد لاحتضان فعاليات مؤتمر دول عدم الانحياز.

2.    حركة 19 جوان 1965 وإلغاء دستور 1963

ساهم تركيز السلطة لدى رئيس الجمهورية، بعد لجوءه إلى تطبيق أحكام المادة 59 من الدستور، في ظل غياب تام لرقابة دستورية، نظرا لعدم تنصيب المجلس الدستوري، وضمه لوزارات الداخلية والإعلام والمالية، وتحويلها إلى دوائر لدى رئاسة الجمهورية، كل هذا أدى إلى قصر عمر الدستور، إذ لم طبق من  أحكامه سوى ما يبرر تصرفات رئيس الجمهورية في مواجهة باقي المؤسسات، كما أن أغلب الإجراءات المتخذة في تلك الفترة تم تنظيمها كما سبق بيانه بمراسيم، صادرة من  سلطة تنفيذية كان شغلها الشاغل هو تحسين صورتها السياسة، أكثر من اهتمامها باحترام الأطر القانونية[81].
          وقد سبق للنائب فرحات عباس استشراف المخاطر التي قد تنجم عن شخصنه السلطة، في نص استقالته سالف الذكر أمام المجلس الوطني التأسيسي، عندما أكد على أن الصلاحيات الواسعة التي يخولها مشروع الدستور لرئيس الجمهورية، تشكل مغامرة بمصير البلاد، فإذا كان هذا الأخير رجلا كفئا ستصان حريات المواطنين، وإذا كان مستبدا، فستعيش  البلاد تحت وطأة الرعب، متسائلا في نفس الوقت، لماذا نضع أنفسنا بأيدينا في هذا الوضع الخطير؟[82].

لقد برز الصراع القديم على السلطة من جديد، نتيجة"الاختلافات السياسية بين بعض قادة الثورة والتباين في أفكارهم وآرائهم حول السياسة الواجب إتباعها لتوجيه حياة الأمة، ظهرت المعارضة العنيفة والاشتباكات المسلحة في مختلف مناطق البلاد، وولدت أزمة داخلية في صفوف قادة الأمة والحزب، مما جعل الموقف صعبا"[83].
 دفع هذا الوضع إلى الدعوة إلى عقد مؤتمر للحزب لوضع حد لهذا الوضع الخطير، فتحقق ذلك في الفترة الممتدة من 16 إلى 21 أفريل 1964، "وتمت خلال جلساته دراسة جميع مشاكل الثورة وقضايا حياة الأمة، وتم اختيار الحلول اللازمة لها وانبثق عن المؤتمر ميثاق الجزائر، و...انتخاب لجنة مركزية ومكتب سياسي وأمين عام للحزب"[84]؛ غير أن "المواضيع الأساسية وصلب الخلافات بقيت تعكر سير النظام، يعود ذلك خاصة إلى انقسام قادة الحزب إلى طوائف وتيارات مختلفة، مما أعجز الحزب عن القيام بمهامه"[85].
 لقد أدى كل هذا إلى  لجوء أحد أجنحة الصراع إلى خيار أكثر راديكالية لمعالجة الوضع القائم تجسد في حركة 19 جوان 1965، التي ترتب عنها عزل الرئيس أحمد بن بلة، والتي اعتبرها القائمون بها مجرد  حركة تصحيحية للوضع القائم، كان الدافع القوي وراءها فردانية الحكم، ودفن المؤسسات الوطنية والجهوية التابعة للحزب والدولة، وما ترتب عنها من إضعاف لبقية المؤسسات الدستورية وعلى رأسها المجلس الوطني[86]؛ في مقابل ذلك كيفها آخرون على أنها انقلاب مكتمل الأركان على رئيس منتخب من قبل الشعب[87]، وقد كان بالإمكان عزله عبر تفعيل الإجراءات الدستورية التي يتيحها الدستور للمجلس الوطني[88].
لقد كشفت مساندة المجلس الوطني للحركة التصحيحية وما استتبعها من وقف العمل بالدستور وتجميد المؤسسات الدستورية القائمة، مع الحفاظ على بعض مظاهر النظام السابق[89]، عدم التزام القائمين بالحركة بدستور 1963، والدليل على ذلك وقف العمل به واستبداله بنص مقتضب في شكل أمر مجلسي، حدد المؤسسات المكلفة بإدارة الدولة، والعلاقة بينها[90]، مستندا على بيان 19 جوان 1965، ومعتبرا مجلس الثورة صاحب السلطة المطلقة لحين وضع دستور جديد للبلاد؛ كما نص على تشكيل حكومة،  بقيادة  رئيس مجلس الثورة السيد هواري بومدين، إضافة لتوليه مقاليد وزارة الدفاع الوطني[91].
هذا ما دفع بالسيد  محمد بجاوي إلى تكييف هذا الأمر المجلسي  بالدستور الصغير المؤقت (petite constitution provisoire)[92]، الذي نظمت في إطاره الحياة السياسية ومؤسسات السلطة القائمة آنذاك؛ خاصة العلاقة بين الحكومة ومجلس الثورة[93]، على الرغم من إشارة  بيان 19 جوان 1965 إلى الرغبة في  وضع دستور جديد للبلاد؛ مطابقا لمبادئ الثورة، وبعيدا عن شخصنه السلطة[94]، إلا أن ذلك لم يتحقق إلا بعد المرور بمرحلة انتقالية في ظل فراغ دستوري دام أزيد من عشر سنوات[95]، كان فيه مجلس الثورة مصدرا للسلطة المطلقة[96]، مستندا على الشرعية الثورية، وقد تبين من خلال الإجراءات المتخذة أن الأولوية كانت لبناء الدولة من القاعدة من خلال وضع النصوص المنظمة للجماعات المحلية[97]، ولم يكتمل بناء المؤسسات الدستورية المركزية،  إلا بعد إقرار دستور 1976[98]، الذي في إطاره انتخبت المؤسسات الدستورية المركزية للبلاد [99]، سنتي 1976 و 1977[100].











[1]-جاء في المادة 24   من اتفاقية إيفيان على انه"بمجرد إعلان نتائج الاستفتاء طبقا للمادة 27 من لائحة تقرير المصير تسري الأنظمة المترتبة على هذه النتائج...، تنظم الهيئة التنفيذية المؤقتة في خلال ثلاثة أسابيع انتخابات لتشكيل الجمعية الوطنية الجزائرية التي تتسلم منه السلطات".
[2] -الفقرة السادسة والسابعة من مذكرة الجزائريين للحلفاء  المؤرخة في 20 ديسمبر  1942.
[3]-صوتت عليه الجمعية  الوطنية الفرنسية في 20 سبتمير 1947، وقد تضمن 60 مادة.
cf, Loi n°47-1853 portant statut organique de  l’Algérie, J.O.R.F, du 21 septembre 1947, pp. 9470-9474 ; cf, Louis Milliot, le statut organique de l’Algérie : analyse de la loi du 29 septembre 1947(Recueil Sirey 1948).
[4]-نصت المادة الأولى منه على أن"الجزائر تشكل مجموعة مقاطعات تتمتع بالشخصية المدنية وبالاستقلال المالي وبتنظيم خاص"، (الترجمة من عندنا).
[5]-أنظر في هذا الصدد، لمين شريط، الوجيز في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية المقارنة، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية، 2002، ص 110.
[6]-جاء في المادة 24   من اتفاقية إيفيان على انه"بمجرد إعلان نتائج الاستفتاء طبقا للمادة 27 من لائحة تقرير المصير تسري الأنظمة المترتبة على هذه النتائج...، تنظم الهيئة التنفيذية المؤقتة في خلال ثلاثة أسابيع انتخابات لتشكيل الجمعية الوطنية الجزائرية التي تتسلم منه السلطات".
[7]- cf, Redha Malek, l'Algérie à Evian, histoire de négociations secrètes 1956-1962, ANEP, 2002.
[8]- جاء في المادة 24   من اتفاقية ايفيان على انه"بمجرد إعلان نتائج الاستفتاء طبقا للمادة 27 من لائحة تقرير المصير تسري الأنظمة المترتبة على هذه النتائج...، تنظم الهيئة التنفيذية المؤقتة في خلال ثلاثة أسابيع انتخابات لتشكيل الجمعية الوطنية الجزائرية التي تتسلم منها السلطات".
[9]-نصت المادة 24  من اتفاقية إيفيان على أنه"بمجرد إعلان نتائج الاستفتاء طبقا للمادة 27 من لائحة تقرير المصير، تسري الأنظمة المترتبة على هذه النتائج، وإذا اتفق على الاستقلال والتعاون، تعترف فرنسا فورا باستقلال الجزائر،  يتم نقل السلطات فورا".
-cf, Lettre du Président de la République Française au président de l’Exécutif provisoire de l’Etat Algérien,5(J.O.A, 6 juillet 1962, p. 4).
[10]-نصت المادة 9 من اتفاقية إيفيان الثانية على أنه"تقع مسؤوليات إدارة الشؤون العامة الخاصة بالجزائر على الهيئة التنفيذية المؤقتة التي تتكون من الرئيس، نائب الرئيس، عشرة أعضاء؛ أنظر عمران محمد، الهيئة التنفيذية المؤقتة" بين النصوص القانونية و ظروف الفترة الانتقالية "مارس 1962- سبتمبر1962، مجلة الحقوق و العلوم الإنسانية ، العدد 3، 2009، ، ص ص. 78-99.
[11]-نصت المادة 14 من اتفاقية إيفيان الثانية على أنه"للهيئة التنفيذية المؤقتة سلطة وضع قوانين للشؤون الجزائرية .وتعين الهيئة التنفيذية المؤقتة الموظفين في المناصب الإدارية بالجزائر".
-أنظر صالح بلحاج، المؤسسات السياسية والقانون الدستوري في الجزائر من الاستقلال إلى اليوم، ديوان المطبوعات الجامعية، 2010، ص 14.
[12]-أنظر الأمر رقم 62-02 المؤرخ في 10 جويلية 1962 والمتعلق بالعفو العام عن الأفعال المرتكبة قبل 20 مارس 1962؛ والأمر رقم 62-010 المؤرخ في 16 جويلية 1962، المحدد لإجراءات انتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي؛ أنظر الجريدة الرسمية للدولة الجزائرية،  رقم 2 المؤرخة في 17 جويلية 1962؛ ص 14 و 15.
[13]-"إن هدف استفاء تقرير المصير هو معرفة ما إذا كان الناخبون يرغبون في الاستقلال عن فرنسا، وفي هذه الحالة، فيما إذا كانوا يرغبون في قيام تعاون بين فرنسا والجزائر حسب الشروط التي حددتها هذه الاتفاقيات"؛ من التصريح العام"، أنظر الفصل الخامس من التصريح العام.
-cf, Lettre du Président de l’Exécutif  provisoire de l’Etat Algérien  a Monsieur  le Président de l’Assemblée Nationale Constituante (J.O.R.A 26 octobre 1962).
[14]-cf, Anisse Salah-Bey - L'assemblée nationale constituante algérienne  - in Maurice Flory; Jean-Louis Miège  (sous la responsabilité de) - Annuaire de l'Afrique du Nord  - Centre national de la recherche scientifique - Paris , Editions du CNRS , 1964 , pp. 115-125 .
[15]-cf, projet de loi relative aux attributions et a la durée des pouvoirs de l’Assemblée Nationale(J.O.E.A 17 juillet 1962 p. 16).
[16]-يرى الأستاذ محمد كامل ليلة بأنه قد وقع جدال حاد حول طبيعة النظام السياسي الذي يجب انتهاجه بمقتضى دستور 1963 بين كل من أحمد بن بلة وفرحات عباس كما تمحور هذا الجدال حول مفهوم الديمقراطية عند كل منهما، حيث يرى بأن المهم عند بنبلة كان هو الحكم بناء على سياسة ثورية تستطيع تحقيق الهدف بصرف النظر عن النصوص والأشخاص، ولكن فرحات عباس كان يرى متأثرا بالديمقراطية الغربية ضرورة وجود برلمان حقيقي يناقش المسائل بحرية تامة ويختار من بينها ما يقدر سلامتها وفائدتها للشعب، انظر محمد كامل ليلة، النظم السياسية، الدولة والحكومة، دار النهضة العربية، 1969، ص 1030 وما بعدها.
[17] -cf, Anis Salah Bey, l'Assemblée nationale constituante algérienne, op. cit.
.[18] -cf, T. Taleb, du monocéphalisme dans le régime politique Algérien, R.A.S.J.E.P , N° 4 et 5, 1990, p. 431.
-حول سلم السلطة من طرف بن بلة والصراع على طبيعة النظام السياسي الواجب تبنيه في الجزائر بعد الاستقلال، انظر، بودة محمد، رئاسة الحكومة...، مرجع سبق ذكره، ص 48.
-انظر المادة الأولى الفقرة الأولى من القانون المرفق بالأمر 11.62 المؤرخ في 62.7.17، المتضمن صلاحيات ومدة سلطات المجلس الوطني.
[19]-عبد الله بوقفة، الدستور الجزائري، مرجع سبق ذكره، ص  13.
[20]- سعيد بوشعير، النظام السياسي الجزائري، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، 1990، ص 38.
[21] -cf, Leca. J, l'organisation provisoire des pouvoirs publics de la République Algérienne (septembre 1962-septembre 1963), R.A.S.J.E.P, N°1, 1964, p. 7 et s.
-حول تضارب الآراء حول طبيعة الحكومة في المرحلة المؤقتة، انظر، بلحاج صالح، المرجع السابق، ص 62، وعامر رخيلة، التطور السياسي والتنظيمي لحزب جبهة التحرير الوطني، ديوان المطبوعات الجامعية، 1993، ص 118.
-cf, Taleb. T, le Président de la République secrétaire générale du F.L.N, contribution à l'étude du système constitutionnel de la République Algérienne à travers la charte nationale et la constitution de 1976, thèse, Clermont I, 1985, p. 196 et s. et Mansour. M, le dualisme de l'exécutif dans la constitution Algérienne du 23-02-1989, mémoire de magistère, Alger, 1995, p. 58.
[22]-انظر في هذا الصدد، بوكرا إدريس، تطور المؤسسات الدستورية في الجزائر، الجزء الأول،ص 2.
[23]- سعيد بوشعير، النظام السياسي الجزائري، مرجع سبق ذكره، ص 43.
[24]-لائحة المجلس الوطني التأسيسي التي تحدد كيفيات تعيين الحكومة.
[25] -cf, Taleb. T, du monocéphalisme… op. cit,  pp. 431- 432.
[26]-سعيد بوشعير، النظام السياسي الجزائري، مرجع سبق ذكره، ص 43.
[27] -cf, Taleb.T, du monocéphalisme…  op. cit, p. 432.
[28]-سعيد بوشعير، النظام السياسي الجزائري، مرجع سبق ذكره، ص 43.
[29]-ماضي السيد أخمد بن بلة يشهد بالمشاركة الفعالة في ثورة التحرير، ويمكن هنا أن نكر مشاركته في عملية بريد وهران، فراره من سجن البليدة، اعتقاله في حادثة الطائرة المحولة وسجنه لغاية الاستقلال.
[30] -cf, Taleb.T, du monocéphalisme…  op. cit,  p. 433.
[31]-صادق المجلس  الوطني التأسيسي على نظامه الداخلي في 20 نوفمبر 1962.
[32]-زيادة على لجنة القوانين الدستورية ضم المجلس عشر لجان دائمة؛ تعرض عليها مشاريع القوانين المتعلقة بمجالات العدالة، الداخلية  والوظيف العمومي، الشؤون الخارجية والإعلام، الدفاع الوطني  والقوات المسلحة، التربية الوطنية، الشباب والرياضة، العمل والشؤون الاجتماعية، قدماء المجاهدين، ضحايا الحرب  والصحة العمومية، المالية  والميزانية والتخطيط، الصناعة التقليدية، السياحة،  الصناعة والطاقة، الفلاحة والإصلاح الزراعي الأشغال العمومية وإعادة البناء النقل والمواصلات الشؤون الدينية والأوقاف.
[33]-أنظر المادة 2 من مشروع القانون الذي عرض على استفتاء الشعب والمتعلق بمدة واختصاصات المجلس الوطني التأسيسي، الجريدة الرسمية للدولة الجزائرية، المؤرخة في 17 جويلية 1962 ص 16.
[34]-نصت المادة 77 من دستور 1963 على أنه"يمدد أجل النيابة التشريعية لأعضاء المجلس الوطني التأسيسي المنتخب بتاريخ 20 سبتمبر 1962، حتى تاريخ 20 سبتمبر 1964. و تجرى قبل هذا التاريخ انتخابات المجلس الوطني طبقا للدستور، و لمدة أربع سنوات".
[35]-Loi n° 63-96 du 27 mars 1963 portant code de la nationalité algérienne, J.O.R.A., n° 18, 2-4-63, p. 306 ; Loi n° 63-218 du 18 juin 1963 portant création de la Cour suprême, J.O.R.A., n° 43, 28 juin 1963, p. 662 ; Loi n° 63-277 du 26 juillet 1963 portant code des investissements, J.O.R.A., n° 53, 2 août 1963, p. 774 ; Lois no 63-276 du 26 juillet 1963 relative aux biens spoliés et séquestrés par l'administration coloniale, J.OR.A., n° 53, 2-8-63, p. 174 ; Loi n° 63-305 du 20 août 1963 relative à l'âge des électeurs et à l'organisation des prochaines consultations électorales. J.O.R.A., n° 58, 20-8-63, p. 826.
-cf, A. Salah-Bey, L'assemblée nationale constituante algérienne,…,op. cit,  p.120 .
[36]-cf, Décret n° 63-88 du 18 mars portant réglementation des biens vacants. J.O.RA.. n° 15,du 22-3-63, p. 282 ; Décret ne 63-98 du 28 mars 1963 déterminant les règles de répartition du revenu des exploitations et entreprises d'autogestion, J.O.R.A., n" I I , 29-3-63 ; Décret no 63-168 du 9 mai 1963 relatif à la mise sous protection de 1'Etat des biens mobiliers et immobiliers dont le mode d'acquisition, de gestion, d'exploitation ou d'utilisation est susceptible de troubler l'ordre public ou la paix sociale. J.O.R.A., no 30, 14 avril 1963, p. 450; Décret n° 63-222 du 28 juin 1963 réglementait le recours contre les décisions préfectorales plaçant certains biens sous protection de l'Etat, J.O.R.A., no 44, 2-juillet 1963, 681; Décret no 63-328 du 10 septembre 1963 relatif a l'élection du Président de la République, J.OR.A., no 64, 10 septembre 1963, p. 897.
    cf, N. E, Ghozali, évolution politique et institutionnelle de l'Algérie et système de légitimité (1954-1975), R.A.S.J.E.P, N°4, 1981,  pp. 670 et s.-
[37]-سعيد بوشعير، النظام السياسي الجزائري...، مرجع سبق ذكره، ص 46 - 47.
[38] -cf, Anisse Salah-Bey - L'assemblée nationale constituante algérienne, op. cit.
[39]-cf, Ferhat Abbas, pourquoi je ne suis pas d'accord avec le projet de constitution établi par le gouvernement et le bureau politique, déclaration à l'Assemblée nationale constituante le 12-08-1963, in la Nation Hebdo, N° 170 du 22-28 octobre 1996, p. 10.    
-حول هذا الموضوع أنظر كذلك، عمار بوحوش، التطورات السياسية بالجزائر في عهد الرئيس أحمد بن بلة 1962-1965، مجلة دراسات إنسانية، جامعة الجزائر، العدد 1، 2001، ص ص 149-177.
[40]-وهو ما دفع بالسيد فرحات عباس إلى الاستقالة من رئاسة المجلس الوطني التأسيسي في شهر اوت 1963، اعتراضا على هذا التصرف، المخالف للإجراءات المقررة سلفا لإعداد الدستور، ليخلفه السيد حاج بن علة.
-cf, Ferhat Abbas, pourquoi je ne suis pas d'accord avec le projet de constitution établi par le gouvernement et le bureau politique, déclaration à l'Assemblée nationale constituante le 12-08-1963, in la Nation Hebdo, N° 170 du 22-28 octobre 1996, pp. 10-11, p. 10
[41]-Cf, Khalfa Mameri, Les Constitutions algériennes, Histoire-Textes, Réflexions, Thala Editions, 2008, p.22.
[42].عمار بوحوش، التطورات السياسية بالجزائر في عهد الرئيس أحمد بن بلة 1962-1965، مجلة دراسات إنسانية، جامعة الجزائر، العدد 1، 2001، ص ص 149-177.
[43]-مضيفا "أن القيادة التي لا تعطي للشعب الحق في إبداء الرأي بحرية تامة في تقرير مصيره، لا يمكن أن تنجح في خلق ديمقراطية حقيقية نابعة من إرادة أبناء الشعب، ولهذا، فإنه لا مفر من السماح للنواب المنتخبين في مناقشة مشروع الدستور وإثرائه، والدولة التي تقوم على أساس عدم إثراء دستورها من طرف العناصر المتخصصة والمهيأة لذلك الغرض تعتبر حريتها وإرادتها مصادرة، وبالتالي فإنها تولد ميتة"، عمار بوحوش، التطورات السياسية بالجزائر في عهد الرئيس أحمد بن بلة، مرجع سبق ذكره.
[44]-عمار بوحوش، التطورات السياسية بالجزائر في عهد الرئيس أحمد بن بلة، مرجع سبق ذكره.
[45]-تم استخلاف السيد أحمد بن بلة على رأس المجلس بالسيد الحاج يعلى عضو المجلس التأسيسي.
[46]-عمار بوحوش، التطورات السياسية بالجزائر في عهد الرئيس أحمد بن بلة، مرجع سبق ذكره.
[47]-عبد الله بوقفة، الدستور الجزائري، نشأته أحكامه محدداته، دار ريحانة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2002، ص 14.
[48]-بلغ عدد الناخبين المسجلين: 6391818 ، الأصوات المعبر عنها: 5283974 ، المصوتون بنعم: 5166185، المصوتون بلا: 105047، أنظر الج ر ج ج، رقم 64 المؤرخة في 10 سبتمبر 1963 ص 887.
[49]-سعيد بوشعير، النظام السياسي الجزائري، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، 1990، ص 40.
-[50] cf, C. Kalafat, relation gouvernement parlement, p.12 - 13.
- مداخلة الأستاذ شكري قلفاط، والمعنونة بالعلاقة بين الحكومة والبرلمان، ألقيت في فعاليات الندوة الوطنية حول العلاقة بين الحكومة وغرفتي البرلمان، بتاريخ 24-25 أكتوبر 2000، نشر الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، ص ص 1- 16.
[51]-في انتظار وضع دستور للبلاد وانتخاب مؤسسات دستورية على أساسه.
-[52] cf, T. Taleb, du monocéphalisme...op. cit, p. 435.
[53]-"Depuis l'indépendance et en vertu d'une légitimité auto-octroyée, baptisée tour à tour historique puis révolutionnaire, des équipes successive se sont attelées à légaliser leur pouvoir de fait par des textes appropriés. L'expérience a montré la fragilité de ces textes…la pratique du pouvoir a montré que la loi fondamentale était le plus souvent un alibi pour les tenants du pouvoir au lieu d'être  une règle imprescriptible pour tous",  B. Boumaza, quelques réflexions générales pour une stratégie de sortie de crise,  El Watan du 26-29 juin 1995, p. 7-8.
[54]-نصت المادة 27 من دستور 1963 على أن"السيادة الوطنية للشعب يمارسها بواسطة ممثلين له قي مجلس وطني، ترشحهم جبهة التحرير الوطني، و ينتخبون باقتراع عام مـــباشر و سرى لمدة خمسة سنين".
[55]-المادة  من دستور 1963.
[56]-المادتان 27 و 28 من دستور 1963.
[57]-المادة 36 من دستور 1963.
[58]-المادة  58 من دستور 1963.
[59]-المادة 28 من دستور 1963.
[60]-المادة 38 من دستور 1963، أنظر بالتفصيل حول الدور الرقابي للمجلس الوطني، عمار عباس، تطور الرقابة البرلمانية في النظام السياسي الجزائري، رسالة دكتوراه، جامعة وهران، 2005، خاصة الفصل الرابع منها.
[61]-لمادتان 55 و 56 من دستور 1963 .
[62] - "Cette disposition (la motion de censure), est un non-sens. D'abord il n'est pas souhaitable qu'un chef d'Etat soit renversé. Il laisserait un vide redoutable, en suite et surtout, n'ayant pas été investi par l'Assemblée, cette dernière ne peut le renverser. Cette disposition est donc de pure forme. Elle est une simple clause de style", Ferhat. Abbas, op. cit, p. 11. 
    
-انظر حول المسئولية السياسية لرئيس الجمهورية في دستور 1963، يلس شاوش بشير، موانع مسئولية الحكومة أمام مجلس النواب، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية، رقم 1، 1991،  ص361-362.
[63]- cf, Troianiello Antonino, « Les droits fondamentaux, fossoyeurs du constitutionnalisme ? », Le Débat, 2003/2 n° 124, p. 58-72.
[64]-أنظر بيان أول نوفمبر 1954، وهو أول نداء وجهته الكتابة العامة لجبهة التحرير الوطني إلى الشعب الجزائري في أول نوفمبر 1954.
[65]-المادة 8 من النص الخاص بمؤسسات الثورة الجزائرية.
[66]-المادة 11 من دستور الجزائر لسنة 1963.
[67]-الفقرة  14 من دستور 1063.
[68]-المادة 10 من دستور 1963.
[69]-المادة 13 من دستور 1963.
[70] انظر المواد 16 و 18 و 19 و 20
[71]-المادة 64 من دستور 1963.
[72]-أنظر محمد كحلولة، المراقبة الدستورية في الجزائر في إطار عمل المجلس الدستوري، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية  والاقتصادية  والسياسية، 1990.
[73]-أنظر عمار عباس، تطور الرقابة الدستورية في الجزائر والعوائق التي تحول دون فعاليتها، مجلة الحقيقة،عدد ،4، 2004.
[74]-المادة 63 من دستور 1963.
[75]-الفقرة 2 من المادة 63 من دستور 1963.
[76][76]-أنظر المادتين 71 و 72 من دستور 1963.
[77]-نصت المادة 59 من دستور 1963 على أنه"في حالة الخطر الوشيك الوقوع يمكن لرئيس الجمهورية اتخاذ تدابير استثنائية لحماية استقلال الأمة ومؤسسات الجمهورية. و يجتمع المجلس الوطني وجوبا".
[78]-أنظر كلمة رئيس الجمهورية السيد أحمد بن بلة، والتي ألقاها أمام المجلس الوطني التأسيسي في الثالث من أكتوبر 1963 أعلن خلالها إعمال المادة 59 من الدستور، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، رقم 73 والمؤرخة في 4 أكتوبر 1963، ص 104. والتي جاء في ختامها العبارة التالية:
« conformément au vœux du peuple et du F.L.N., je mets en œuvre cet article 59 de la 'Constitution. A partir du moment présent, j'assume les pleins pouvoirs afin de maintenir, comme j'en ai reçu la mission et comme j'en ai fait le serment, la République démocratique et populaire dans la voie que vous lui avez tracée ».
[79]-أنظر سعيد بوشعير، النظام السياسي الجزائري، النظام السياسي الجزائري، دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع ، ص 57.
  [80]-cf, Y. Dendini, La pratique de la constitution algérienne du 23 février 1989, édition Houma, p. 12.
[81] -cf, M. A. Bekhchi, remarques sur l'évolution du système constitutionnel Algérien de l'indépendance à la révision constitutionnelle de 1996, in www.FDSP.usj.edu.lb/cedroma,  p. 3.
[82] -cf, Ferhat Abbes, op. cit, p. 11.
[83]-العيفا أويحي، النظام الدستوري الجزائري، دون ذكر دار النشر، الطبعة الأولى، ، ص  83.
[84]- العيفا أويحي، النظام الدستوري...، مرجع سبق ذكره ، ص  83.
[85]-العيفا أويحي، النظام الدستوري...، مرجع سبق ذكره، ص  99.
[86]-أنظر بيان 19 جوان 1965، الج ر ج ج رقم 56، المؤرخة في 06-07-1965، ص 802.
[87]-سعيد بوشعير، النظام السياسي الجزائري...، مرجع سبق ذكره، ص 66.
[88]-حيث نصت المادتان 55 و 56 على إمكانية سحب المجلس الوطني للثقة من رئيس الجمهورية، وفي حالة  ما تحقق ذلك يقدم رئيس الجمهورية استقالته، وينحل المجلس الوطني وجوبا.
[89]-على رأس هذه المبادئ تركيز جميع الصلاحيات لدى السلطة التنفيذية.
-cf, T. Taleb, du monocéphalisme dans le régime politique Algérien, R.A.S.J.E.P , N° 4 , 1990, p. 440.
[90]-أنظر الأمر رقم 65-182 المؤرخ في 10-07-1965، المتضمن تأسيس الحكومة، الج ر ج ج، رقم 58، المؤرخة في 13 جويلية 1965، ص 831 .
[91]-أنظر المادتين 1 و 2 من الأمر رقم 65-182 سالف الذكر.
[92]-cf, Bedjaoui. M, L'évolution constitutionnelle de l'Algérie depuis l'indépendance: la constitution de 1963 et la"petite constitution de 1965", in Corpus constitutionnel, Tome 1, 1968, p. 172.
[93]-حيث نص على الخصوص على المسؤولية الفردية للوزراء أمام رئيس الحكومة والمسؤولية الجماعية للحكومة أمام مجلس الثورة، الذي بإمكانه تعديلها جزئيا أو كليا، وفي مقابل ذلك فهي تحوز بموجب تفويض من مجلس الثورة، السلطات الضرورية لسير أجهزة الدولة وكيان الأمة، في شكل أوامر أو مراسيم؛ أنظر المواد من 3 إلى 6 من المرسوم 65-182 سالف الذكر.
[94]-العيفا أويحي، النظام الدستوري...، مرجع سبق ذكره ص 102.
[95] -cf, Y. Dendini, La pratique de la constitution algérienne, op. cit, pp.13-14.
[96]- اعتبر الأمر 65-182 سالف الذكر، أن مجلس الثورة مصدر للسلطة المطلقة، ريثما يتخذ دستور للبلاد.
[97]-حيث  صدر قانون البلدية بموجب الأمر 67-24 المؤرخ في 18-1 -67، أما قانون الولاية فقد صدر بموجب الأمر 69-38 المؤرخ في 23ماي 1969.
[98]- وافق الشعب على الدستور باستفتاء 19 نوفمبر 1976، وكانت النتائج كالتالي: -المصوتون بنعم: 7407626، -المصوتون بلا: 67683، وقد سبق ذلك الموافقة على الميثاق  الوطني في 27 جوان 1976 بنسبة  98.51 % ؛ أنظر الأمر رقم 76-97 المؤرخ في 22 نوفمبر 1976 والمتضمن إصدار دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
[99]- سعيد بوشعير، النظام السياسي الجزائري، مرجع سبق ذكره، ص 82.
[100]-حيث تم انتخاب السيد هواري بومدين رئيسا للجمهورية في  10 ديسمبر 1976، وأعضاء المجلس الشعبي الوطني بتاريخ 25 فيفري 1977.

هناك تعليق واحد: