قراءة في التعديل الدستوري لسنة 2008
بقلم: الدكتور عمار عباس، باحث في القانون الدستوري والنظم السياسية
المقال منشور بالمجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية لسنة 2009
أعلن رئيس الجمهورية بمناسبة افتتاحه للسنة القضائية 2008/2009 عن إدخال تعديلات جزئية على دستور 1996، وقد أكد خلال كلمته أمام القضاة عن رغبته القديمة في تعديل الدستور عن طريق استفتاء الشعب إلا أن الظروف حالت دون ذلك، نظرا لثقل الالتزامات وتراكم الأولويات والمواعيد الانتخابية خاصة تلك المتعلقة بانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني وتجديد المجالس الشعبية البلدية والولائية[1].
كما أكد رئيس الجمهورية على أن هذه المبادرة ليست سوى تعديلا جزئيا استعجاليا أملاه تداخل السلطات في ممارسة مهامها، وحتى يُضمن التحكم في تسيير شئون الدولة[2]. وإذا كان رئيس الجمهورية قد أكد على أن الشعب باعتباره مالك السيادة هو الذي تعود له الكلمة الأخيرة في التعديل الدستوري، وهي الرغبة التي كانت لديه سابقا، إلا أنه وطبقا لأحكام الدستور فإنه يمكن إدخال تعديلات دستورية استعجاليه دون اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي.
وعلى الرغم من عدم كشفه عن النص الكامل لمشروع التعديل، إلا أنه أشار في كلمته إلى معالم التعديل الدستوري بكل وضوح، ليتأكد ذلك رسميا عقب اجتماع مجلس الوزراء للمصادقة على مشروع التعديل الدستوري[3]، ليحال بعد ذلك على المجلس الدستوري[4]، لإبداء رأيه حوله قبل أن يعرض على البرلمان للمصادقة عليه[5].
وسنحاول في هذه الورقة أن نتطرق إلى أسباب تعديل الدساتير بصفة عامة، ونبين كيف كانت الدساتير الجزائرية معالجة للأزمات ثم نتناول الإجراءات الواجب إتباعها لتعديل دستور 1996(أولا) لنصل في الأخير إلى استعراض وتحليل الجوانب التي مسها التعديل الدستوري(ثانيا).
أولا:الدساتير عرضة للتعديل
تعتبر صياغة الدساتير صناعة بشرية، تخضع لظروف الزمان، وهي عادة ما توضع لمعالجة الأوضاع القائمة وتأطير الممارسة السياسية من خلال تحديد العلاقة بين السلطات، وتبيان حقوق الأفراد وحرياتهم، والنص على الآليات الكفيلة بصيانتها؛ ولكن في نفس الوقت تبقى أحكامها غير مقدسة، بل أن الدساتير نفسها تتضمن أحكاما تتعلق بكيفية تعديلها متى استدعى الأمر ذلك، وهو ما أكده رئيس الجمهورية عند تطرقه إلى دواعي مبادرته بتعديل دستور 1996[6].
من المعلوم أن الدساتير تختلف من خلال طرق مراجعتها[7]، فمنها المرنة التي تعدل بالكيفية نفسها التي تعدل بها القوانين العادية[8]، بمعنى تعتبر اختصاصا برلمانيا محضا، ومنها الجامدة التي لا تعدل إلا بإتباع إجراءات معقدة تختلف عن تلك الإجراءات المتبعة لتعديل القوانين العادية، بل قد تتطلب مشاركة الشعب في التعديل من خلال استفتاءه حول مشروع التعديل[9].
وإذا كان الغالب أن تعديل الدساتير يخضع لإجراءات خاصة من شأنها المحافظة على استقرار النصوص الدستورية وحمايتها من التعديلات المستمرة، ولعل دستور الولايات المتحدة الأمريكية القائم منذ سنة 1787 خير مثال على الدساتير الثابتة رغم أنه خضع هو الآخر لأكثر من عشرين تعديلا[10]، إلا أن هذا ليس معناه إضفاء القداسة على النصوص الدستورية، بل باعتبارها عملا بشريا فإنها معرضة للمراجعة متى تطلبت الظروف ذلك؛ كما شهد الدستور الفرنسي لسنة 1958 تعديلات كثيرة حتى يتلاءم مع اندماج فرنسا في الاتحاد الأوربي[11] وقصد إصلاح النظام السياسي للجمهورية الخامسة[12]، كان آخر هذه التعديلات ذاك الذي تم في جويلية 2008[13].
1.الدساتير الجزائرية دساتير أزمات
إن السمة المشتركة التي تميزت بها الدساتير الجزائرية الأربع التي عرفتها البلاد منذ الاستقلال، أنها كانت توضع لمعالجة الأزمات السياسية التي واجهتها البلاد في فترات.
فدستور 1963 تمت صياغته في ظل الخلافات بين قادة الثورة، بل حتى مشروعه أعد خارج المجلس الوطني التأسيسي الذي كان مختصا بإعداده[14]، ليقتصر دوره في الأخير على المصادقة عليه، قبل عرضه على استفتاء الشعب الذي وافق عليه[15]، ورغم ذلك لم يعمر هذا الدستور سوى أسابيع معدودة[16].
أما دستور 1976 فقد جاء هو الآخر ليعالج مرحلة الفراغ الدستوري الذي عاشتها البلاد فترة دامت إحدى عشرة سنة، وذلك من جوان 1965 إلى نوفمبر 1976[17]؛ ليخضع هو الآخر لتعديل جوهري سنتي 1988[18] و1989[19] عقب حوادث 05 أكتوبر 1988[20]، حيث حاولت أحكامه التأقلم مع الوضع الدولي والداخلي السائد آنذاك، والذي ميزته المطالب الديمقراطية.
غير أن هذا الدستور الجديد لم يصمد هو الآخر أكثر من ثلاث سنوات، حيث غاب عن محرريه وضع حكم يعالج حالة شغور رئاسة الجمهورية عن طريق الاستقالة وتزامنها مع شغور المجلس الشعبي الوطني عن طريق الحل[21]، لتدخل البلاد على إثر ذلك في أزمة سياسية ودستورية أخذت طابعا داميا بعد ذلك، الأمر الذي عجل بوضع دستور جديد، محاولة من السلطة القائمة آنذاك، معالجة الوضع، وحل الأزمة والقضاء على أسبابها؛ فكان دستور 1996[22]مستعجلا هو الآخر، الأمر الذي تطلب المبادرة بتعديله من طرف رئيس الجمهورية أولا بإدراج تمازيغت كلغة وطنية سنة 2002[23]؛ ثم ثانيا قصد"إدخال تصحيحات مستعجلة على بعض أحكام الدستور، لضمان المزيد من التحكم في تسيير شؤون الدولة"، كما جاء في خطاب رئيس الجمهورية عند افتتاحه للسنة القضائية 2008/2009.
2.طرق وإجراءات تعديل دستور الجزائر لسنة 1996
لكل من رئيس الجمهورية وثلاثة أرباع أعضاء غرفتي البرلمان المجتمعتين معا حق المبادرة بتعديل الدستور؛ أما عن الإجراءات التي يمكن أن يعدل بها دستور 1996، فهناك ثلاث طرق ممكنة؛ اثنان منها منصوص عليهما في الباب الرابع من الدستور والمتعلق بالتعديل الدستوري[24]، والثالثة مستوحاة من نص المادتين السابعة و 77 من الدستور؛ اللتان تؤكـدان على أن السلطة التأسيسية ملك للشعب، ولهذا الأخير ممارسة سيادته عن طريق الاستفتاء، ولرئيس الجمهورية اللجوء إلى إرادة الشعب مباشرة، للفصل في مشروع تعديل دستوري[25]، بل وفي كل قضية ذات أهمية وطنية كما أكدت على ذلك الفقرة الثامنة من المادة 77 من الدستور.
أما الطريقتين المنصوص عليهما في الباب الرابع من الدستور فتكون المبادرة فيهما من طرف كل من رئيس الجمهورية و ثلاثة أرباع أعضاء غرفتي البرلمان.
تتطلب الطريقة الأولى عرض مشروع التعديل على غرفتي البرلمان للتصويت عليه بنفس الإجراءات المطبقة على نص تشريعي، ثم يعرض بعد ذلك على استفتاء الشعب خلال الخمسين يوما الموالية لإقراره، وإذا تم رفضه يصبح لاغيا ولا يمكن عرضه من جديد على الشعب خلال نفس الفترة التشريعية، مع العلم أن هذه الطريقة تتبع متى كان التعديل جوهريا يمس بتوازن السلطات وحقوق الإنسان والمبادئ التي تحكم المجتمع الجزائري.
أما الطريقة الثانية فيستثنى فيها استفتاء الشعب، متى كان التعديل بسيطا لا يمس بالمبادئ المذكورة آنفا، متى ارتأى المجلس الدستوري ذلك وعلل رأيه، فيكفي في هذه الحالة تصويت البرلمان على مشروع التعديل بأغلبية ثلاثة أرباع أصوات أعضائه؛ وهو الإجراء الذي اتبع سنة 2002 عند إدراج تمازيغت كلغة وطنية ضمن أحكام المادة الثالثة من دستور 1996[26].
هذه الطريقة الأخيرة في التعديل هي التي ارتأى رئيس الجمهورية إتباعها لإدخال تعديلات جزئية استعجاليه على دستور 1996[27]، في انتظار تعديلات أشمل وأعمق في المستقبل يستشار فيها الشعب عن طريق الاستفتاء[28].
تجدر الإشارة إلى أن الدساتير الجزائرية خضعت في وضعها وتعديل أحكامها لإجراءات مختلفة، ففي الوقت الذي انتهجت فيه طريقة الجمعية التأسيسية والاستفتاء الشعبي في وضع دستور 1963، كان الاستفتاء الأسلوب الرئيسي في وضع دساتير 1976 و 1989 و 1996، في حين كانت مصادقة البرلمان وتدخل المجلس الدستوري عن طريق إبداء رأي معلل في تعديلي 2002 و 2008[29].
ثانيا:الأحكام التي مسها التعديل
كان للتعديلات المستعجلة التي أدخلت على دستور 1996 ثلاثة أهداف، أولها مرتبط بحماية رموز الثورة وترقية كتابة التاريخ وتدريسه، وثانيهما متعلق بترقية حقوق المرأة السياسية، في حين كان التعديل الثالث منصب على السلطة التنفيذية من حيث تمكين رئيس الجمهورية من الترشح لأكثر من عهدة رئاسية مع إعادة النظر في تنظيم السلطة التنفيذية من الداخل.
1.حماية رموز الثورة المجيدة و ترقية الحقوق السّياسية للمرأة
بقدر ما استهدف التعديل الدستوري حماية رموز الثورة والجمهورية وهما العلم الوطني والنشيد الوطني، فقد كان للمرأة نصيب من هذا التعديل، حيث أكد رئيس الجمهورية من خلال مبادرته بالتعديل الدستوري على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بشكل يتماشى ومكانتها في المجتمع الجزائري حاليا، وبالنظر إلى الدور الكبير الذي لعبته خلال الثورة التحريرية.
أ.حماية رموز الثورة المجيدة
كان المغزى من تعديل المادة الخامسة من دستور 1996، إضفاء طابع الثبات على رموز الثورة خاصة العلم والنشيد الوطنيين من خلال جعلهما غير قابلين للتغيير، وإدراجهما ضمن المواضيع التي لا يمكن أن يمسها أي تعديل دستوري[30]، وذلك بإضافة بند للمادة 178 من الدستور[31]، قصد"جعلهما غير قابلين للتغيير، وإضفاء طابع الديمومة عليهما، وضمان حفظهما على مر الأزمنة والأجيال"[32].
على العكس من الصياغة السابقة للمادة 05 من دستور 1996، التي كانت تجعل العلم الوطني وخاتم الدولة والنشيد الوطني من اختصاص المشرع، ومن ثم كان في الإمكان تغيير هذه الرموز بقانون[33]؛ رغم أن الجزائريين تربطهم علاقة وثيقة بالنشيد الوطني والألوان الوطنية، بل لا نجانب الحقيقة إذا قلنا أن أغلب الجزائريين سيفاجئون عندما يدركون أن المساس بهذه الرموز، بل وتغييرهما كان ممكنا حسب الصياغة القديمة للمادة 5[34].
وعلى هذا الأساس أكد التعديل الدستوري على اعتبار العلم والنشيد الوطنيين من مكاسب الثورة، ومن ثم فهما غير قابلين للتغيير، ليس هذا فقط، بل اعتبرا كذلك من رموز الجمهورية؛ مع النص على مواصفات العلم الوطني وعنوان النشيد الوطني ومضمونه[35]، وذلك بهدف"ضمان حماية هذين الرمزين، وتكريسهما كمعالم للأمة"[36].
وقد كانت الغاية من هذا التعديل هي تعزيز رموز الدولة التي تعتبر رصيدا جماعيا لكل الجزائريين[37]؛ علما أن هذا الأمر ليس بدعة جزائرية، بل سبق للدستور الفرنسي لسنة 1958 من خلال المادة الثانية منه تحديد ألوان العلم الفرنسي وعنوان نشيد البلاد[38].
وزيادة على ما نص عليه دستور 1996، من حيث أن الدولة تضمن احترام رموز الثورة وذكر الشهداء وكرامة ذوي الحقوق والمجاهدين[39]، فقد تم التأكيد على دور الدولة في العمل على ترقية كتابة التاريخ وتعليمه للأجيال الناشئة[40]، حفاظا على الذاكرة الجماعية[41]، وتعزيزا للمبادئ التي تقوم عليها الأمة الجزائرية[42]، كما نصت عليه ديباجة دستور 1996[43].
ب. ترقية الحقوق السّياسية للمرأة
بهدف "ترقية الحقوق السّياسية للمرأة وتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبَة على جميع المستويات"[44]، أكد التعديل الدستوري على أن الدولة تعمل على مضاعفة حظوظها في النيابة ضمن الـمجالس الـمنتخبة[45]؛ بشكل يعكس مكانتها الحقيقية في المجتمع، وتحقيقا لمبدأ المساواة بين المواطنين، و"اعترافا بتضحيات الـمرأة الـجزائرية إبان الـمقاومة الوطنية ثم الثورة الـمسلـحة، وبـمساهمتها في مسيرة التشييد الوطني والشجاعة الـمشهودة التي تـحلت بها أثناء الـمأساة الوطنية الأليـمة"[46].
إضافة إلى أن ذلك يعتبر تجسيدا للتمثيل الحقيقي للواقع الديمغرافي للبلاد، الذي تميل فيه الكفة لعدد النساء؛ ولترسيخ ذلك أضيفت مادة 31 مكرر لدستور 1996، تؤكد على واجب الدولة في العمل على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة[47]؛ حيث أكد المجلس الدستوري على أن ذلك مستمد من"المطلب الديمقراطي المذكور في الفقرة 8 من ديباجة الدستور الذي يقضي بأن تُبنى المؤسسات حتما على مشاركة جميع المواطنين والمواطنات في تسيير الشئون العمومية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وحرية الفرد والجماعة"[48].
وفي نظرنا فإن ذلك لا يتأتى إلا بإدخال تعديل على القانون العضوي للانتخابات، إما بفرض المشرع لنسب معينة للعنصر النسوي في القوائم الانتخابية، حزبية كانت أو مستقلة؛ أو عبر النص على إدراج قوائم خاصة بالنساء في مختلف الاستشارات الانتخابية، وهاتين الطريقتين مطبقتين في النظم الانتخابية لبعض الدول.
2.تمكين الشعب من حرية اختيار حكامه وإعادة تنظيم السلطة التنفيذية
لعل الطابع الإسعجالي للتعديلات الدستورية المدرجة على دستور 1996، فرضتها ضرورة تمكين الشعب من ممارسة سلطته في اختيار من يحكمه دون قيود أو شروط، وإعادة تنظيم السلطة التنفيذية من الداخل بإزالة الغموض الذي كان يكتنفها.
أ –تمكين رئيس الجمهورية المنتخب من الترشح لأكثر من مرة
وضع التعديل الدستوري حدا للنقاش الذي كان دائرا في الساحة السياسية حول تمكين رئيس الجمهورية من الترشح لعهدة ثالثة؛ وذلك بإدخال تعديل على الفقرة الثانية من المادة 74 من الدستور التي لم تكن تسمح بتجديد انتخاب رئيس الجمهورية لأكثر من مرة واحدة[49]، وعلى إثر هذا التعديل تم تأسيس مبدأ مفاده قابلية انتخاب رئيس الجمهورية دون تحديد عدد لعدد الفترات[50]، ومن ثم يتمكن الشعب من"ممارسة حقه المشروع في اختيار من يقود مصيره، وأن يجدّد الثقة فيه بكل سيادة"[51].
وقد دار نقاش مماثل حول هذا الموضوع قبيل صياغة دستور 1989، حيث تضاربت المواقف حينها، فالمؤيدون لتحديد المهمة الرئاسية بفترتين انتخابيتين على أكثر تقدير، كانت حجتهم هي ضمان التداول على السلطة، متأثرين بتجربة الولايات المتحدة الأمريكية[52]؛ أما المعارضون فرأوا أن التداول على السلطة تضمنه الانتخابات الرئاسية التعددية، التي تتيح للشعب اختيار من يراه مناسبا لحكمه، ولا يمكن لإرادة الشعب أن تقيد بنص دستوري[53]. تجدر الإشارة إلى أن الدستور الفرنسي لسنة 1958 كان هو الآخر تاركا المهمة الرئاسية مفتوحة قابلة للتجديد لأكثر من مرة، غير أنه تم اللجوء إلى التقليل من مدتها أولا وتحديديها ثانيا في عهدتين فقط، بمقتضى التعديلين الدستوريين لسنتي 2000[54] و 2008[55].
2.إعادة تنظيم السلطة التنفيذية
منذ التعديل الدستوري الذي جرى في 03 نوفمبر 1988، عقب حوادث أكتوبر الدامية، والذي تم فيه الأخذ بازدواجية السلطة التنفيذية بإنشاء منصب لرئيس الحكومة إلى جانب رئيس الجمهورية؛ طرح التساؤل حينها عن حقيقة هذه الازدواجية في ظل وجود رئيس للجمهورية منتخب عن طريق الاقتراع العام المباشر والسري، على أساس برنامج، فما هي إمكانية تعايشه مع رئيس للحكومة مطالب دستوريا بتنفيذ برنامج حكومته؟.
وعوض أن تتوضح الأمور أكثر، تمت المحافظة على نفس الصياغة في دستوري 1989 و 1996، وفي ظل تبني بعض الحكومات صراحة لبرنامج رئيس الجمهورية كان بعض النواب يتساءلون عن مدى دستورية ذلك[56]؟.
أ.إستبدال منصب رئيس الحكومة بوزير أول
منذ مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم طرح نفس التساؤل السابق، والمتمثل في أي البرنامجين أولى بالتطبيق في حالة وجود رئيس للحكومة نابع من أغلبية برلمانية تنتمي إلى تيار سياسي معارض للرئيس، أو حتى رفض نفس الأغلبية لبرنامج رئيس الحكومة المستوحى من برنامج رئيس الجمهورية.
وقد كان للتزكية الانتخابية لبرنامج رئيس الجمهورية من خلال الانتخابات الرئاسية لسنتي 1999 و2004، الدور الأساسي في الدفع برئيس الجمهورية إلى المبادرة بتعديل دستوري يقضي على الإزدواجية، ومن ثم""إعادة تنظيم وتدقيق وتوضيح الصّلاحيات والعلاقات بين مكوِّنات السلطة التنفيذية، دون المساس بالتوازنات الأساسية للسلطات"[57]، أو على الأقل التخفيف من حدتها، وذلك لجعل السلطة التنفيذية"قوية موحدة ومنسجمة"[58]، وهذا لا يتنافى مع الإبقاء على ازدواجية شكلية لا ترقى لتلك المعروفة في النظم البرلمانية، والتي يستقل فيها رئيس الحكومة وحكومته عن رئيس الدولة استقلالية تامة، بل قد يكون فيها منصب رئيس الدولة شرفيا لا غير.
ولعل الهدف الرئيسي من إعادة النظر في تنظيم السلطة التنفيذية بتركيزها في يد رئيس الجمهورية، هو إضفاء الطابع الرئاسي على النظام السياسي الجزائري، الذي كرسته الممارسة السياسية منذ 1962، وتواصل ذلك رغم تبني ازدواجية السلطة التنفيذية بمقتضى التعديل الدستوري لسنة 1988، وأصبح ذلك أكثر وضوحا خلال عهدتي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ويظهر ذلك جليا من خلال تبني الحكومات المتعاقبة لبرنامجه والتزامها بتنفيذه، ليتأكد ذلك مع إحجام كل من عبد العزيز بلخادم وأحمد أويحي عن تقديم برنامج حكومتيهما[59] إلى المجلس الشعبي الوطني للموافقة عليه[60].
كما قد يعود إلغاء منصب رئيس الحكومة إلى عدم إمكانية الجمع بين رئيس منتخب على أساس برنامج حائز على ثقة الأغلبية المطلقة للناخبين، يلزم رئيس الجمهورية دستوريا بتنفيذه[61]، ورئيس للحكومة مطالب بتطبيق برنامج الأغلبية البرلمانية التي ينتمي إليها، مع أن الشرعية الانتخابية لهذه الأغلبية مهما كانت، لا يمكن أن تتجاوز شرعية الرئيس الممثل لكل الجزائريين.
إن أبرز مظاهر التعديل الدستوري الأخير هو استبدال منصب رئيس الحكومة بوزير أول[62]، يتولى رئيس الجمهورية تعينه وإنهاء مهامه[63]، وهو منصب كان موجود في دستور 1976[64]، على الرغم من أن التسمية ليس لها أي تأثير على تنظيم السلطة التنفيذية وإنما العبرة بالصلاحيات، بل أكثر من ذلك، نجد هذه التسمية هي المستخدمة في النظام السياسي البريطاني مع الصلاحيات الواسعة الممنوحة للوزير الأول حتى كأنه يبدو شبيها برئيس الدولة في النظم الرئاسية[65].
وإذا كانت التسمية لا تهم، فإن التجديد الذي جاء به التعديل الدستوري يتمثل في نصه صراحة على أن مهمة الوزير الأول هي تطبيق برنامج رئيس الـجمهورية، ولأجل ذلك فإن دوره الأساسي هو تنسيق عمل الـحكومة التي يقوم باختيارها، وتعود صلاحية تعيينها لرئيس الجمهورية[66]، ولهذا الغرض يحدد الوزير الأول مخطط عمله[67]ويعرضه في مجلس الوزراء[68].
زيادة على ذلك أكد التعديل الدستوري على إخضاع توقيع المراسيم التنفيذية والتعيين في وظائف الدولة من قبل الوزير الأول، إلى الموافقة المسبقة لرئيس الجمهورية، وإسناد رئاسة اجتماع الحكومة للوزير الأول بتفويض من رئيس الجمهورية[69]، كل ذلك "يهدف إلى إدخال تغييرات داخل السلطة التنفيذية بهدف ضمان انسجام أكبر وفعالية أفضل لمهامها"[70].
وبذلك يكون هذا التعديل الجديد قد وضع حدا للتساؤل الذي كان مطروحا سابقا، والمتمثل في أي البرنامجين أولى بالتطبيق؟؛ حيث تم النص صراحة على أن الأمر يتعلق ببرنامج رئيس الجمهورية، وما دور الوزير الأول سوى تنسيق عمل الحكومة التي بقيت له صلاحية اختيارها، مع تحديده لبرنامج عمله، الذي ليس برنامجا مستقلا في حد ذاته وإنما يتعلق بتحديد الآليات الكفيلة بتجسيد برنامج رئيس الجمهورية على أرض الواقع؛ وعلى هذا النحو سيضفي ذلك"مزيدا من الوضوح على مهمة الـحكومة الـمتمثلة في تـنفيذ برنامج رئيس الـجمهورية، وهو البرنامج الذي يكون قد حظي بأغلبية أصوات الشعب خلال الاقتراع الـمباشر"[71].
كما أن هناك تجديدا آخر جاء به التعديل الدستوري، يتمثل في إمكانية تعيين رئيس الجمهورية لنائب أو أكثر للوزير الأول، تتلخص مهمته في مساعدة هذا الأخير في ممارسة مهامه[72]؛ وإذا كان رئيس الجمهورية يتمتع بسلطة تقديرية في تعيين نائب أو أكثر للوزير الأول، فإن التساؤل يطرح حول الغاية من وجود هذا المنصب، ولعل الجواب المنطقي هو بغية إشراك التيارات السياسية المساندة لبرنامج رئيس الجمهورية في تسيير الحكومة من خلال تعيين نواب للوزير الأول من هذه التيارات، إرضاء لها من جهة، ومن جهة أخرى دفعها للتضامن والدفاع عن برنامج رئيس الجمهورية أولا ومخطط عمل الكومة ثانيا.
وتظهر تبعية نواب الوزير الأول لرئيس الجمهورية أكثر منها للوزير الأول، من حيث أن سلطة تعيينهم وإنهاء مهامهم تعود لرئيس الجمهورية، بل حتى اختيارهم لا دخل للوزير الأول فيه، فعلى عكس الحكومة التي نص التعديل الدستوري صراحة على استشارة رئيس الجمهورية للوزير الأول قبل تعيين أعضاءها[73]، فإن نواب الوزير الأول تم ذكرهم في حكم منفصل[74]، مما يوحي بأن اختيارهم سلطة مطلقة لرئيس الجمهورية على غرار تعيينهم، وإن كان لا شيء يمنع الرئيس من استشارة الوزير الأول حول الأسماء التي ينوي تعيينها نوابا له، علما أن أول حكومة معينة بعد التعديل الدستوري لم تشمل نائبا أو نوابا للوزير الأول[75].
ب.الحكومة مسئولة سياسيا أمام المجلس الشعبي الوطني
لم يمس التعديل الدستوري بالدور الرقابي للبرلمان بصفة عامة والمجلس الشعبي الوطني بصفة خاصة، وقد كان واضحا أن التعديل الدستوري يستهدف إعادة تنظيم السلطة التنفيذية من الداخل دون أن يؤثر ذلك على علاقتها بالسلطة التشريعية، ولعل هذا ما دفع رئيس الجمهورية إلى اختيار طريقة التعديل الدستوري بواسطة البرلمان دون عرضه على استفتاء الشعب، لأنه لم يمس بتوازن السلطات؛ وهو ما أكده مجلس الوزراء[76]، وارتآه المجلس الدستوري وعلله[77]، ومن ثم سيبقى الوزير الأول وحكومته مسئولا مسئولية سياسية مزدوجة، أمام المجلس الشعبي الوطني من جهة، وأمام رئيس الجمهورية من جهة أخرى[78].
إن الغرابة في التعديل الدستوري تظهر في إبقاءه على سلطة المجلس الشعبي الوطني في الرقابة على عمل الحكومة؛ فما الفائدة من التأكيد على تنفيذ الحكومة لبرنامج رئيس الجمهورية إذا كان هذا البرنامج يبقى خاضعا لرقابة المجلس الشعبي الوطني، لأن ذلك من شأنه أن يوحي بالمسئولية السياسية لرئيس الجمهورية أمام المجلس الشعبي الوطني، وهذا يتنافى مع انتخابه عن طريق الاقتراع العام المباشر والسري؛ إلا إذا كانت الرقابة تنصب على مخطط عمل الحكومة وليس على محتوى البرنامج في حد ذاته، على اعتبار أن التعديل الدستوري أكد على أن الوزير الأول يقدم مخطط عمله إلى المجلس الشعبي الوطني للموافقة عليه[79].
وإذا كنا لا نشك في عدم إدراك رئيس الجمهورية لهذا التناقض الذي يكتنف التعديل الدستوري، إلا أن أحسن رد على ذلك قد يتمثل في عدم الرغبة في المساس باختصاصات البرلمان حتى لا يفسر ذلك على أنه مساس بتوازن السلطات ومن ثم وجب ساعتها عرض مشروع التعديل الدستوري على استفتاء الشعب.
وإذا كانت المادة 80 من دستور 1996 قبل التعديل تتيح لرئيس الحكومة إمكانية تكييف برنامج حكومته على ضوء مناقشة نواب المجلس الشعبي الوطني، حتى يحظى بموافقتهم عليه، فإن التعديل الدستوري اشترط ضرورة عودة رئيس الحكومة لرئيس الجمهورية لاستشارته قبل إقدامه على تكييف مخطط عمله بناء على الملاحظات التي أبداها النواب عند مناقشتهم له[80]. ولعل هذه الاستشارة يراد من وراءها التأكيد على أن الوزير الأول ما هو إلا منسق للعمل الحكومي"يستمد مهامه من رئيس الجمهورية دون سواه"[81]، وليس له إدخال تعديلات على برنامج رئيس الجمهورية إلا بعد استشارته.
ورغم كل ذلك يبقى في إمكان المجلس الشعبي الوطني رفض الموافقة على مخطط عمل الحكومة، الأمر الذي يترتب عليه تقديم الوزير الأول لاستقالة حكومته لرئيس الجمهورية[82]، الذي يقوم بتعيين وزيرا أول وحكومة جديدة حسب الإجراءات السابقة، وفي حالة تمسكه بعدم الموافقة على مخطط عمل الحكومة، فإنه يتعرض للحل الوجوبي[83].
ولسنا ندري ما هو الداعي لإعادة تعيين وزير أول وحكومة جديدة ملزمين دستوريا بتنفيذ نفس البرنامج السابق الذي هو برنامج رئيس الجمهورية، الذي قد يكون رفض إدخال تعديلات عليه على ضوء مناقشات النواب، اللهم إلا إذا كان المبتغى هو وضع النواب أمام الأمر الواقع، ووضعهم أمام خيارين أحلاهما مر تجسيدا لمبدأ عقلنه الرقابة البرلمانية[84]، إما دفعهم للموافقة على مخطط عمل الحكومة، أو رفضه وقبول خيار الحل الوجوبي، في انتظار انتخابات تشريعية مسبقة، يُحكًمُ فيها الناخبون في النزاع القائم، ولهم الخيار بين موقفين، إما مساندة رئيس الجمهورية بجلب أغلبية برلمانية تسانده، أو الوقوف إلى جانب الأغلبية بإعادة تجديد الثقة فيها.
كما أن رقابة المجلس الشعبي الوطني لم تتأثر بالتعديل الدستوري، سواء من خلال احتفاظه بسلطة المصادقة على مخطط عمل الحكومة قبل الشروع في تنفيذه أو بمناسبة عرضها للبيان السنوي لسياستها العامة، والتي يمكن أن تتوج باقتراح ملتمس رقابة ينصب على عمل الحكومة، أو بطلب الوزير الأول من المجلس الشعبي الوطني تصويتا بالثقة لمواصلة عمله والمتمثل في تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية[85].
أما في ما يخص مجلس الأمة فيقتصر دوره على الإطلاع على مخطط عمل الحكومة بالصيغة التي وافق عليها المجلس الشعبي الوطني، ولا يملك مجلس الأمة سوى إصدار لائحة حول هذا المخطط[86]، علما أن هذه اللائحة ليس لها أي تأثير على شروع الحكومة في تنفيذ مخطط عملها، ولو أن إفصاح مجلس الأمة عن مساندته لمخطط عمل الحكومة، يعتبر دعما إضافيا لها والتزاما بعدم عرقلة العمل التشريعي الذي يعتبر الوسيلة الأساسية لتجسيد مخطط عمل الحكومة، خاصة إذا علمنا أنه يكفي تشكل جبهة معارضة من الربع +1، لشل مشاريع القوانين، لأن مجلس الأمة مطالب دستوريا بالتصويت على مشاريع القوانين بأغلبية ثلاثة أرباع حتى تتم المصادقة عليها.
خاتمة
على الرغم من أن التعديلات الدستورية التي أدخلت على دستور 1996 لم تكن بذلك العمق الذي كان منتظرا، على اعتبار أنها كانت مستعجلة، إلا أن أهم ما يميزها محاولتها إعادة تنظيم السلطة التنفيذية من الداخل، بعد مرور عشرون سنة على تبني ازدواجية الجهاز التنفيذي.
فمنذ تبني أول تعديل دستوري جوهري لدستور 1976 والذي تم فيه الأخذ بإزدواجية السلطة التنفيذية سنة 1988، كان السؤال الجوهري الذي يطرح بإلحاح، يتمثل في تحديد طبيعة العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، خاصة في ظل نص الدستور على إعداد وتنسيق وتنفيذ هذا الأخير لبرنامج حكومته. وإذا كانت معظم الحكومات لم تتردد في تبني برنامج رئيس الجمهورية، إلا أن لا شيء كان يحول دون بروز أغلبية برلمانية معارضة لرئيس الجمهورية، تتبنى برنامجا مناقضا لذلك الذي زكاه الشعب بمناسبة الانتخابات الرئاسية؛ ومن ثم سيزول هذا الغموض بنص التعديل الدستوري وتأكيده على أن البرنامج الواجب التطبيق هو برنامج رئيس الجمهورية، وما الوزير الأول سوى منسق للعمل الحكومي ومكلفا بإعداد مخطط عمل، غايته السهر على تجسيد برنامج رئيس الجمهورية.
ورغم أهمية التعديلات المتعلقة بتنظيم السلطة التنفيذية، إلا أن ذلك لم يقلل من أهمية بقية التعديلات، فالسماح بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية لأكثر من مرة دون تحديد، ودسترة الحقوق السياسية للمرأة، وإضفاء طابع الثبات على رموز الثورة والجمهورية والمتمثلة في العلم الوطني والنشيد الوطني،كلها عوامل ستعزز الاستقرار السياسي، في ظل السيادة الشعبية، في انتظار تعديلات أوسع وأعمق تقضي على كثير من التناقضات الموجودة في دستور 1996.
[1] -جاء في كلمة رئيس الجمهورية عند افتتاحه للسنة القضائية 2008/2009" أن القناعة كانت قوية بحتمية مراجعة الدستور في أقرب فرصة تتيحها الظروف، إلاّ أن ثقل الالتزامات وتراكم الأولويات وتعدد الاستحقاقات حالت دون تجسيد هذا الهدف، وفرضت مزيداً من التريث والانتظار".
[2] -وقد أكد رئيس الجمهورية على أن"التعديل الدستوري المقترح هو تعديل جزئي استعجالي سيتبع بمراجعة دستورية عميقة وشاملة... وعلى ضوء التجربة المعيشة منذ سنوات، ومعاينة تداخل السلطات في ممارستها لمهامها من حين إلى آخر، فقد برزت ضرورة إدخال تصحيحات مستعجلة على بعض أحكام الدستور، لضمان المزيد من التحكم في تسيير شؤون الدولة".
[4]-قام رئيس الجمهورية بإخطار المجلس الدستوري في 03-01-08، قصد إبداء رأيه حول مشروع التعديل الدستوري تطبيقا للمادة 176 من الدستور؛ أنظر رأي المجلس الدستوري رقم 01-08المؤرخ في 07-11-08، المتعلق بمشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري.
[5] -صادق البرلمان المجتمع بغرفتيه على مشروع التعديل الدستوري بأغلبية ساحقة، وذلك خلال دورته المنعقد يوم 12 نوفمبر 2008، حيث صوت لصالح التعديل 500 عضوا مع امتناع ثمانية أعضاء عن التصويت في حين صوت 21 عضوا ينتمون إلى حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ضد التعديل.
[6] - جاء في كلمة رئيس الجمهورية عند افتتاحه للسنة القضائية 2008/2009، قوله"إن الدساتير هي نتاج جهد بشري قابل للتطوير والتحسين، وهي تعبير عن إرادة الشعب في مرحلة معينة من تاريخه، تجسيداً لفلسفته ورؤيته الحضارية للمجتمع الذي ينشده، فلكل دستور إذن، ظروفه وأسبابه وأبعاده التي يرمي إليها في تأسيس وتنظيم المجتمع والدولة، وكافة العلاقات والآليات الدستورية المتعلقة بنظام الحكم وممارسته، وتكريس الحقوق والحريات الفردية والجماعية للمواطن".
[7] -تقسم الدساتير بالنظر إلى عدة معايير، فمن خلال معيار التدوين هناك الدساتير المكتوبة والدساتير العرفية، أما بالنظر إلى معيار التعديل فتنقسم إلى دساتير مرنة ودساتير جامدة، كما قد تصنف الدساتير إلى دساتير قانون ودساتير برنامج بالنظر إلى مضمونها.
[8] -تعطى للبرلمان في بعض الأنظمة السياسية سلطات واسعة، من بينها إمكانية تعديل الأحكام الدستورية بنصوص تشريعية عادية، حيث لا تعرف هذه الأنظمة مبدأ سمو النص الدستوري، وعلى رأس هذه الأنظمة النظام السياسي البريطاني، حتى قيل أن البرلمان يستطيع أن يفعل كل شيء إلا أن يجعل من الرجل امرأة.
[9] -لا يعني جمود الدستور عدم قابليته للتعديل، بل يعدل ولكن بإجراءات مختلفة عن إجراءات تعديل القوانين العادية، سواء من حيث الجهة التي تبادر بالتعديل، والنصاب المطلوب للتصويت، وكذا ضرورة مشاركة الشعب في التعديل من خلال عرض مشروع التعديل على الاستفتاء الشعبي.
[10] -عرف دستور الولايات المتحدة الأمريكية لسنة 1787 مخاضا عسيرا قبل وضعه، خاصة وأنه يعتبر بمثابة القاعدة التي قامت عليها الدولة الاتحادية التي ضمت دويلات مختلفة، لذلك كان طبيعي أن يُعقد الآباء المؤسسون إجراءات تعديله، حفاظا على استقرار الدولة الاتحادية، ولكن رغم ذلك تطلبت الظروف تعديله أكثر من عشرين مرة.
[12] -cf.,Rapport du Comité de réflexion et de proposition sur la modernisation et le rééquilibrage des institutions de la Ve République
[13]-Cf., Loi constitutionnelle n° 2008-724 du 23 juillet 2008 de modernisation des institutions de la Ve République.
[14] -جاء في المادة الأولى من القانون المتضمن صلاحيات ومدة المجلس الوطني الذي عرض على الشعب للاستفتاء عليه في نفس اليوم الذي انتخب فيه المجلس الوطني التأسيسي في 20 سبتمبر 1662، والمتعلق بصلاحيات ومدة سلطات المجلس الوطني التأسيسي، على أن الجمعية الوطنية المنبثقة عن اقتراع 12 أوت 1962، من بين مهامها إعداد والتصويت على دستور للجزائر؛ ؛ وهو الأمر الذي أكده رئيس الحكومة آنذاك السيد أحمد بن بلة، عند تقديمه للتصريح المتضمن برنامج حكومته أمام المجلس الوطني التأسيسي، حيث ذكر أعضاء المجلس باختصاصهم السيد في إعداد الدستور بقوله"إن مجلسكم هو صاحب السيادة الكاملة، يمنح للبلاد الدستور الذي يرى بأنه يستجيب لمصالح الشعب، في مضمونه وفي كيفيات تطبيقه"، ذكر من طرف سعيد بوشعير، النظام السياسي الجزائري، مرجع سبق ذكره، ص 47؛ لكن عوض أن يقوم المجلس الوطني التأسيسي بإعداد مشروع الدستور نجد"المكتب السياسي أزاح السلطة التأسيسية وأوكل أمر تحضير الوثيقة الدستورية إلى ندوة الإطارات ومن ذلك قدم الدستور في شكل اقتراح قانون للبرلمان ومن ثم نال الموافقة عليه"، عبد الله بوقفة، الدستور الجزائري، مرجع سبق ذكره، ص 14.
[15] -قام خمسة نواب بإيداع اقتراح مشروع الدستور لدى مكتب المجلس الوطني التأسيسي، وبعد مناقشة شكلية تم التصويت عليه، حيث وافق عليه 139 نائبا وامتنع 8 نواب عن التصويت في حين غاب 22 نائبا عن جلسة التصويت[15]، ثم عرض المشروع على استفتاء الشعب الذي وافق عليه بأغلبية ساحقة، الناخبون المسجلون: 6391818 ، الأصوات المعبر عنها: 5283974 ، المصوتون بنعم: 5166185، المصوتون بلا: 105047.
[16] -وذلك بعد لجوء رئيس الجمهورية إلى تطبيق أحكام المادة 59 من الدستور التي كانت تخوله اتخاذ تدابير استثنائية في الظروف الخطيرة، وقد كان ذلك في 3 أكتوبر 1963 على إثر التمرد العسكري الذي قاده كل من آيت أحمد ومحند ولحاج؛ سعيد بوشعير، النظام السياسي الجزائري، مرجع سبق ذكره، ص 57.
[17] -غابت الشرعية الدستورية عن النظام السياسي الجزائري، أكثر من عقد من الزمن، منذ حركة 19 جوان 1965 إلى غاية 1976 تاريخ وضع ثاني دستور للجمهورية الجزائرية، ولم يملأ هذا الفراغ الدستوري سوى الأمر 65-182 الذي تضمن تشكيلة الحكومة وتحديد علاقتها بمجلس الثورة، مما دفع بالبعض إلى تكييف هذا الأمر على أنه دستور صغير.
[19] -دستور الجزائر لسنة 1989، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، رقم 09 المؤرخة في 01-03-1989، ص 234.
[20] -عرفت البلاد أحداثا دامية بداية شهر أكتوبر، أصبحت معروفة بحوادث 05 أكتوبر 1988، وقد كانت سببا مباشرا للقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية؛ فقد رأى السيد محمد إبراهيمي، بأن أحداث أكتوبر 1988 أحدثت نوعين من الآثار، "يخص النوع الأول ..أساس النظام السياسي الجزائري الذي كرسه دستور 1976...أما المجموعة الثانية لها علاقة مباشرة بالقانون الدستوري الوضعي، وفي هذا المجال فإن هذه الأحداث لم تؤدي إلى ثورة يمكن تفسيرها بمثابة الوصل بين الواقع والقانون، فلم تضع حدا للشرعية الدستورية السارية لقيام نظام دستوري وضعي جديد"، محمد إبراهيمي، حق الحل في دستور 1989، مرجع سبق ذكره، ص 650-651.
[21] -قدم رئيس الجمهورية استقالته إلى المجلس الدستوري في 11 جانفي 1992، وأعلن يومها بأنه قام بحل المجلس الشعبي الوطني في 04-01-1992..
[22] - أنظر المرسوم الرئاسي رقم 96-438 المؤرخ في 07 ديسمبر 1996 المتعلق بإصدار نص تعديل الدستور المصادق عليه في استفتاء 28 نوفمبر 1996، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، رقم 76 المؤرخة في 08-12-1996، ص 6.
[23] -أنظر التعديل الدستوري المؤرخ في 10-04-2002 قانون رقم 02-03 مؤرخ في 27 محرم عام 1423 الموافق 10 أبريل سنة 2002، يتضمن تعديل الدستور.
[25] -أكد المجلس الدستوري على هذه القاعدة عند فحصه لمشروع التعديل الدستوري عندما ارتأى بأن مبدأ تعديل الدستور من دون اللجوء إلى الاستفتاء"لا يستثني لجوء رئيس الجمهورية إلى الاستفتاء الشعبي إذا لم يحرز هذا القانون ثلاثة أرباع أصوات أعضاء غرفتي البرلمان".
[26] -حيث أضيفت مادة ثالثة مكرر تنص على أن"تمازيغت هي كذلك لغة وطنية. تعمل الدولة لترقيتها وتطويرها بكل تنوعاتها اللسانية عبر التراب الوطني".
[27] -أكد المجلس الدستوري أن الأحكام التي شملها مشروع التعديل الدستوري "تقتصر على اعتماد هيكلة جديدة داخل السلطة التنفيذية، فإنها لا تؤثر البتة على صلاحيات السلطات والمؤسسات الأخرى والآليات الدستورية التي يقوم على أساسها توازن السلطتين التنفيذية والتشريعية".
[28] -جاء في كلمة رئيس الجمهورية عند افتتاحه للسنة القضائية 2008/2009، قوله"ارتأيت إجراء تعديلات جزئية محدودة، ليست بذلك العمق ولا بذلك الحجم ولا بتلك الصيغة التي كنت أنوي القيام بها، التي تتطلب اللجوء إلى الشعب فقد فضلت اللجوء إلى الإجراء المنصوص عليه في المادة 176 من الدستور، وإذا تم استبعاد فكرة التعديل الدستوري عن طريق الاستفتاء إلى حين، فإن هذا لا يعني التخلّي عنها".
[29] -حول أساليب التعديلات الدستورية في الجزائر، أنظر بوكرا إدريس، المراجعة الدستورية في الجزائر بين الثبات والتغيير، إدارة، عدد 1، 1998.
-إضافة إلى النصوص الدستورية الجزائرية الرئيسية لسنوات 1963،1976، 1989، 1996، كانت هناك تعديلات دستورية في سنوات 1979، 1980 ، 1988، 2002، 2008.
[30] -حددت المادة 178 من دستور 1996 المواضيع التي لا يمكن أن تكون عرضة للتعديل الدستوري وهي:1.الطابع الجمهوري للدولة، 2.النظام الديمقراطي القائم على التعددية الحزبية، 3.الإسلام باعتباره دين الدولة، 4.العربية باعتبارها اللغة الوطنية الرسمية، 5.الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن، 6.سلامة التراب الوطني ووحدته.
[31] -أنظر رأي المجلس الدستوري رقم 01-08، المؤرخ في 07-11-08، المتعلق بمشروع التعديل الدستوري، وعلى إثر هذا التعديل أضيف بند إلى المادة 178 من دستور 1996 التي أصبحت تنص على أنه لا يمكن لأي تعديل دستوري أن يمس"7.العلم الوطني والنشيد الوطني باعتبارهما من رموز الثورة والجمهورية".
[33] -كانت المادة الخامسة من دستور 1996 تنص على أن"العالم الوطني وخاتم الدولة، والنشيد الوطني، يحددها القانون".
[34]- أكد رئيس الجمهورية على ذلك في كلمته أمام القضاة عندما اعتبر أن هذه الرموز " أصبحت رموزا ثابتة للجمهورية، لما تمثله من ميراث خالد للأمة جمعاء، لا يمكن لأحد التصرف فيها أو التلاعب بها، وهذا بإعطائها المركز الدستوري الذي يليق بمكانتها"
[35] -أصبحت المادة 5 من الدستور تنص على أن" العلم الوطني والنشيد الوطني من مكاسب ثورة نوفمبر 1954 وهما غير قابلين للتغيير. هذان الرمزان من رموز الثورة، هما رمزان للجمهورية بالصفات التالية" 1.علم الجزائر أخضر وأبيض تتوسطه نجمة وهلال أحمر اللون 2.النشيد الوطني"قسما" بجميع مقاطعه. يحدد القانون خاتم الدولة".
[36] -أنظر رأي المجلس الدستوري رقم 01-08.
[37] -جاء في بيان مجلس الوراء عقب مصادقته على مشروع التعديل الدستوري، أن الغاية من إضفاء طابع الثبات على العلم والنشيد الوطني هي"تعزيز جانب رموز الدولة التي هي رصيد تتقاسمه الأجيال و لا يـحق ، بـحكم ذلك، لأي كان إدخال التغيير عليه أو تسخيره وفق أهوائه أو التشكيك فيه.كما أكد البيان على ضرورة النص على "مضمون النشيد الوطني قسما بتمام مقاطعه"، ولعل هذا يهدف إلى عدم الرضوخ لبعض الجهات التي كانت تنادي بحذف المقطع المتضمن ذكر فرنسا بصفتها بلدا محتلا، وان ذلك لم يعد يتلاءم مع العلاقة التي تربط البلدين، وهو من جهة أخرى تأكيد على أن صفحة التاريخ تقلب ولكنها لا تنسى.
[38] -تنص الماد الثانية من الدستور الفرنسي لسنة 1958 على ما يلي:
(al.2) L’emblème national est le drapeau tricolore, bleu, blanc, rouge.
(al.3) L’hymne national est La Marseillaise.
[39] -كانت الفقرة الثالثة من المادة 62 من دستور 1996 تنص على أن"تضمن الدولة احترام رموز الثورة، وأرواح الشهداء، وكرامة ذويهم، والمجاهدين".
[41]-"إن التاريخ هو الذاكرة والرصيد الـمشتركيـن بيـن جميع الـجزائرييـن، فلا يـجوز لأي كان أن يستأثر به أو يسخره لـمآرب سياسيـة وبالتالي، فإن الدولة هي التي تتولى ترقية كتابة هذا التاريخ وتدريسه والتعريف به، هذا ومن شأن تدريس التاريخ للأجيال الفتية أن يكفل الـحفاظ على الذاكرة الـجماعية وأن يوفر لهذه الأجيال الـمعالم ذات الصلة بانتمائها الـحضاري التي تتيح لها أن تقدر حق قدرها عراقة تاريخها الوطني وعظمة مسيرة التشييد الوطني التي خاضها أسلافها"، من بيان من مجلس الوزراء عقب مصادقته على مشروع التعديل الدستوري.
[43] -أنظر ديباجة دستور 1996 والمواد من 01 إلى 05 من نفس الدستور، التي نصت على المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري.
[44]-من كلمة رئيس الجمهورية بمناسبة افتتاح السنة القضائية 2008/2009.
[46] -من بيان مجلس الوزراء عقب مصادقته على مشروع التعديل الدستوري، والذي جاء فيه أيضا" إن نـجاح مسار تـحديث البلاد الذي انطلق منذ 1999 يقتضي، اليوم أكثر من أي وقت مضى، تـمثيلا أوسع للـنساء و مشاركة أوفى لهن في الـمجالس الـمنتخبة، وهو ما يـملي على الفاعليـن السياسييـن اللـجوء إلى توعية مكثفة ومستمرة".
[49] -كانت الفقرة الثانية من المادة 74 من دستور 1996 تنص على أنه"يمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة"
[50] -أصبحت صياغة الفقرة الثانية من المادة 74 من الدستور بعد التعديل على النحو التالي"يمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية"، أنظر رأي المجلس الدستوري رقم 01-08.
[51] -من كلمة رئيس الجمهورية عند افتتاحه للسنة القضائية 2008/2009"؛ وأضاف في نفس السياق" لا يحق لأحد أن يقيِّد حرية الشعب في التعبير عن إرادته، فالعلاقة بين الحاكم المنتخَب والمواطن الناخِب هي علاقة ثقة عميقة متبادلة، قوامها الاختيار الشعبي الحرّ والتزكية بحرية وقناعة. ...إن التداول الحقيقي على السلطة ينبثق عن الاختيار الحرّ، الذي يقرره الشعب بنفسه، عندما تتم استشارته بكل ديمقراطية وشفافية في انتخابات حرّة تعددية، إذن، للشعب والشعبِِ وحدِه تعود سلطة القرار".
[52] - منع التعديل الثاني والعشرين الذي تمت المصادقة علية في 27 فيفري 1951 انتخاب أي شخص لمنصب الرئيس لأكثر من فترتين رئاسيتين، وقد كان هذا التعديل بسبب تولي فرونكلين روزفلت F. Rosvelt رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية لأربع مرات، ولم يترشح بعد ذلك أي رئيس آخر لأكثر من فترتين رئاسيتين متتاليتين.
[53] -وهذا ما استند عليه المجلس الدستوري في رأيه رقم 01-08، عندما ارتأى أن تعديل الفقرة الثانية المادة 74"يعزز السير العادي للنظام الديمقراطي الذي يقتضي بأن حائز عهدة رئاسية ملزم بأن يعيدها عند انقضائها، إلى الشعب الذي يملك دون سواه سلطة التقدير بكل سيادة كيفية تأدية هذه العهدة، ويقرر بكل حرية، تجديد الثقة في رئيس الجمهورية أو سحبها منه".
[54]- حيث تم تقليص المدة الرئاسية من سبع سنوات إلى خمس سنوات.
-Cf., Loi constitutionnelle n° 2000-964 du 2 octobre 2000.
[55] -« Nul ne peut exercer plus de deux mandats consécutifs. », Cf., Loi constitutionnelle n° 2008-724 du 23 juillet 2008 de modernisation des institutions de la Ve République
[56] - رأى النائب محمد جهيد يونسي أثناء مناقشة برنامج حكومة علي بن فليس، بأن طريقة تعيين هذه الأخيرة وقبولها بتطبيق برنامج رئيس الجمهورية"يعد سلوكا منافيا لثقافة الدولة ودولة القانون، وهو..مؤشر على محاولة التراجع على المكسب الديمقراطي والتعددي في البلاد…ويعد رضا الحكومة بدور دون الذي منحه إياها الدستور الساري المفعول مشاركة في خرق أول وثيقة من مواثيق الجمهورية وأكبر عائق أمام دولة القانون"، -الجريدة الرسمية لمداولات المجلس الشعبي الوطني، رقم 226 المؤرخة في 16-10-2000، ص 22.
[58] -من خطاب رئيس الجمهورية عند افتتاحه للسنة القضائية 2008/2009؛ كما أكد رئيس الجمهورية في نفس المناسبة أن الغاية من استبعاد الازدواجية الحقيقية هي حتى يكون في إمكان السلطة التنفيذية"تحمل المسؤوليات واتخاذ القرارات الناجعة بسرعة، بما يمكِّنها من تجنب الازدواجية والتعارض، وتجاوز سلبيات التوفيق بين برامج مختلفة، تؤدي في النهاية إلى تشتيت وتمييع المسؤوليات وتضارب القرارات، مما يعطّل تنفيذ البرامج وإنجاز المشاريع، ويضرُّ لا محالة بمصالح البلاد والعباد".
[60] -لم يقدم كلا من عبد العزيز بلخادم وأحمد أويحي برنامج حكومتيهما إلى المجلس الشعبي الوطني، خلال العهدة الثانية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، رغم نص الدستور على ضرورة حصول الحكومة على موافقة المجلس الشعبي الوطني قبل الشروع في تنفيذه، وقد حدث نفس الأمر في فرنسا في ظل دستور 1958، عندما ترسخت ممارسة مفادها أن الحكومة غير ملزمة بذلك.
[61] -ارتأى المجلس الدستوري بأن"السير العادي للنظام الديمقراطي التعددي، مثلما يستنتج من الدستور، يقتضي بأن رئيس الجمهورية الذي انتخب على أساس برنامج سبق وأن حظي بموافقة الشعب، من واجبه أن يجسد هذا البرنامج طبقا لليمين التي يؤديها أمام الشعب".
[62] -أصبحت الفقرة الخامسة من المادة 77 من الدستور بعد تعديلها تنص على أن رئيس الجمهورية يتولى تعين الوزير الأول وينهي مهامه.
[63] -قدم أحمد أويحي استقالة حكومته لرئيس الجمهورية عقب إصدار هذا الأخير للتعديل الدستوري مباشرة، ليقوم بتعيينه في منصب وزير أول مع الحفاظ على نفس تشكيلة الحكومة المستقيلة مع إلغاء وزارة واحدة فقط؛ أنظر المرسوم الرئاسي رقم 08-364 المؤرخ في 15-11-2008، والمتضمن إنهاء مهام رئيس الحكومة، والمرسوم الرئاسي رقم 08.365، المؤرخ في 15-11-2008، والمتضمن تعيين الوزير الأول، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، رقم 64 المؤرخة في 17-11-2008، ص 07.
[64] -كانت الفقرة الثانية من المادة 113 من دستور 1976 تنص على أنه"يمكن لرئيس الجمهورية أن يعين وزيرا أول".
[65] -احتلت مارغريت تاتشر خلال توليها لرئاسة الوزراء في بريطانيا مكانة مرموقة ومارست صلاحياتها بكل حزم،حتى سميت بالمرأة الحديدية.
[66] -أنظر المرسوم الرئاسي رقم 08-367 المؤرخ في 15-11-2008، والمتضمن تعيين أعضاء الحكومة، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، رقم 64 المؤرخة في 17-11-2008، ص 07.
[67] -تجدر الإشارة إلى أن بيان مجلس الوزراء الصادر عقب مصادقته على مشروع التعديل الدستوري وردت فيه عبارة"برنامج عمله" بينما استعملت عبارة "مخطط عمله" في النص النهائي لمشروع التعديل.
[68] -نصت المادة 79 من دستور 1996 في فقرتها الثالثة بعد التعديل، على أنه"يضبط الوزير الأول مخطط عمله لتنفيذه، ويعرضه في مجلس الوزراء".
[69] -فوض رئيس الجمهورية الوزير الأول بترؤس اجتماعات أول حكومة معينة بعد التعديل الدستوري مباشرة تطبيقا للمادة 77 من دستور 1996؛ أنظر المرسوم الرئاسي رقم 08-368 المؤرخ في 15-11-2008، والمتضمن تفويض الوزير الأول بترؤس اجتماعات الحكومة، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية رقم 64 المؤرخة في 17-11-2008، ص 07.
[71] -من بيان مجلس الوزراء عقب مصادقته على مشروع التعديل الدستوري، وهو ما أكده المجلس الدستوري عندما ارتأى بأن هذا البرنامج"هو برنامج رئيس الجمهورية الذي حظي بموافقة الشعب عن طريق الفعل الانتخابي معبرا بذلك عن إرادته بكل سيادة".
[72] -تنص المادة 77من دستور 1996 بعد التعديل في فقرتها السابعة على أنه يمكن للرئيس الجمهورية"أن يعين نائبا أو عدة نواب للوزير الأول بغرض مساعدة الوزير الأول في ممارسة وظائفه، وينهي مهامهم". يذكر أن دستور 1976 نص على إمكانية تعيين رئيس الجمهورية لنواب له حيث كانت المادة 112 من دستور 1976 تنص على أنه" يمكن لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا لرئيس الجمهورية يساعده و يعينه في مهامه"، ثم عدلت سنة 1979 فأصبحت تنص على النحو التالي"" يمكن لرئيس الجمهورية أن يعين نائيا له أو أكثر يعينونه ويساعدونه في مهامه".
[73] -على عكس بيان مجلس الوزراء الصادر عقب مصادقته على مشروع القانون المتضمن للتعديل الدستوري والذي جاء فيه"يقوم الوزير الأول بتطبيق برنامج رئيس الـجمهورية و لأجله يـنسق عمل الـحكومة التي يقوم باختيارها"، نصت المادة 79من دستور 1996 بعد التعديل على أنه"يعين رئيس الجمهورية أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير الأول"، والفرق هنا واضح بين الاستشارة والاختيار.
[74] -تم النص على تعيين رئيس الجمهورية لأعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير الأول في الفقرة الأولى من المادة 79، بينما تم النص على إمكانية تعيين رئيس الجمهورية لنائب أوعدة نواب للوزير الأول في الفقرة 7 من المادة 77 من الدستور.
[75] -لم تشمل حكومة أحمد أويحي التي عينها رئيس الجمهورية مباشرة بعد إصدار التعديل الدستوري منصبا لنائب للوزير الأول.
[76] -"إن التعديلات هذه تُبْقِي، في الآن نفسه، بـتمامها وكمالها، على سلطة مراقبة البرلـمان للـحكومة في إطار تـنفيذ برنامج عملها. فعمل الـحكومة سيبقى بالفعل، خاضعا كذلك لـمراقبة الـمجلس الشعبي الوطني، لا سيما، بـمناسبة العرض السنوي لبيان السياسة العامة للـحكومة"؛ من بيان مجلس الوزراء عقب مصادقته على مشروع التعديل الدستوري..
[77] -رأي المجلس الدستوري رقم 01-08 المؤرخ في 07-11-2008، المتعلق بمشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري.
[78] -تتجلى المسئولية السياسية للوزير الأول وأعضاء حكومته أمام رئيس الجمهورية في سلطته في تعيينهم وإنهاء مهامهم.
[79]-الفقرة الأولى من المادة 80 من دستور 1996 بعد التعديل؛ علما أن بيان مجلس الوزراء جاء فيه"يعرض الوزير الأول برنامج عمله على موافقة الـمجلس الشعبي الوطني".
[80] -جاء في الفقرة الثانية من المادة 80من دستور 1996 على أنه"يمكن الوزير الأول أن يكيف مخطط العمل هذا على ضوء المناقشة، بالتشاور مع رئيس الجمهورية".
[83] -تنص المادة 82 من دستور 1996 على أنه"إذا لم تحصل من جديد موافقة المجلس الشعبي الوطني ينحل وجوبا. تستمر الحكومة القائمة في تسيير الشؤون العادية إلى غاية انتخاب المجلس الشعبي الوطني وذلك في أجل أقصاه ثلاثة أشهر".
[84]-يعتبر إجراء الحل الوجوبي صورة من صور عقلنه
الرقابة البرلمانية، التي تهدف إلى التخفيف من تعسف البرلمان في الإقدام على إسقاط الحكومات دون رادع. وقد عرفت كثير من الدساتير الأوربية بعد الحرب العالمية الثانية إجراءات عقلنه للقضاء على عدم الاستقرار الحكومي .
-« un ensemble de règles techniques destinées à préserver la stabilité et l’autorité du gouvernement face à un Parlement d’une majorité parlementaire constante », J. Gicquel et J. E. Gicquel, op. cit., p. 131 ;cf., P. Pactet, cité par J. C. Maslet, J. P. Valette, Droit constitutionnel…, op. cit., p.125.